جلسة 11 من يونيو سنة 2002م
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد يحيي حسن صبرى.
نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ كمال زكى عبدالرحمن اللمعى، ومحمود إبراهيم عطا الله، ومنير صدقى يوسف خليل، ومصطفى سعيد مصطفى حنفى.
نواب رئيس مجلس الدولة
وبحضور السيد الأستاذ المستشار/ درويش الخفيف
مفوض الدولة
وسكرتارية السيد/ جمال طه المهدى
سكرتير المحكمة
الطعنان رقما 2483، 2975 لسنة 44 قضائية عليا
ـ ندب ـ الندب للوظيفة الأعلى ـ أحكامه.
المادة (56) من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978.
الندب أمر تترخص فيه الجهة الإدارية بما لها من سلطة تقديرية وهو موقوت بطبيعته
لا يقوم على الدوام والاستقرار ـ يتعين على الجهة الإدارية عند استعمال سلطتها التقديرية فى هذا الشأن ألا تنحرف وتسىء استعمالها وأن تتم ممارستها لهذه السلطة فى الحدود والأوضاع التى رسمها القانون بحيث إذا ندبت العامل إلى وظيفة تعلو وظيفته مباشرة عليها أن تراعى أن يتوافر فى هذا العامل المنتدب وجه أفضلية له على أقرانه ممن هم أعلى منه درجة بمراعاة أن الندب يعد شغلاً فعليًا للوظيفة التى انتدب إليها العامل، ويتمتع العامل المنتدب بسائر امتيازات وسلطات هذه الوظيفة ـ لا يجوز شغل الوظيفة الأعلى مباشرة إلا بمن هو أقدم ما دامت قد توافرت فيه اشتراطات شغلها من ناحية والكفاءة من ناحية أخرى ـ لا يستقيم بحال ولا يتفق مع مقتضيات النظام الإدارى أن تتجاهل الجهة الإدارية فيما تتخذه من قرارات الندب الترتيب الهرمى الرئاسى للعاملين مما يجعل الأدنى درجة رئيساً لمن يعلوه درجة ـ تطبيق.
فى يوم الأحد 8 من فبراير سنة 1998 أودع الأستاذ/ محمد كمال عوض الله، المحامى بصفته وكيلاً عن السعيد عبدالجواد عرفة قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا، تقريراً بالطعن قيد برقم 2483 لسنة 44ق. عليا فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى بالمنصورة فى الدعوى رقم 2473 لسنة 18ق بجلسة 27/12/1997 الذى قضى بقبول الدعوى شكلاً وبإلغاء القرار المطعون فيه رقم 278 لسنه 1996 فيما تضمَّنه من سحب القرار رقم 1600 لسنه 1995 مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام جهة الإدارة المصروفات.
وطلب الطاعن للأسباب الواردة بتقرير طعنه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجدداً برفض الدعوى وإلزام المطعون ضده الثانى المصروفات.
وأعلن تقرير الطعن على النحو المبين بالأوراق.
وفى يوم الإثنين الثالث والعشرين من فبراير سنة 1998 أودعت الأستاذة/ آمال مندور المحاميه بصفتها وكيلاً عن رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للإصلاح الزراعى بصفته تقرير الطعن رقم 2975 لسنة 44ق. عليا قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا عن الحكم الصادر من محكمة القضاء الادارى السالف الإشارة إليه طالبة الحكم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه وقبول الطعن شكلاً، وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والحكم أصلياً : برفض الدعوى، واحتياطياً : بعدم اختصاص محكمة القضاء الإدارى بنظر الدعوى لعدم خضوع قرارات الندب لرقابة القضاء مع إلزام المطعون ضده فى الحالتين المصروفات.
وأعلن الطعنان على النحو المبين بالأوراق.
وأودعت هيئة مفوضى الدولة تقريراً مسبباً بالرأى القانونى فى الطعنين ارتأت فيه الحكم بقبول الطعنين شكلاً، ورفضهما موضوعاً وإلزام الطاعنين المصروفات.
ونظر الطعنان أمام دائرة فحص الطعون على النحو المبين بمحاضر جلساتها، حيث قررت بجلسة 20/9/2000 ضمهما للارتباط ليصدر فيهما حكم واحد. وبجلسة 15/8/2001 قررت الدائرة إحالة الطعنين إلى المحكمة الادارية العليا ـ الدائرة الثالثة ـ لنظرهما بجلسة 19/10/2001 وتدوول الطعنان أمام هذه المحكمة على النحو الثابت بمحاضر الجلسات، حيث قررت بجلسة 16/4/2002 إصدار الحكم بجلسة اليوم، وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، والمداولة.
من حيث إن الطعنين استوفيا أوضاعهما الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص ـ حسبما يبين من الأوراق ـ فى أن أحمد محمد الحلوانى المطعون ضده فى الطعنين أقام الدعوى رقم 2473 لسنة 18ق أمام محكمة القضاء الإدارى بالمنصورة بعريضة أودعت بتاريخ 8/4/1996 طالباً الحكم بصفه مستعجلة بوقف تنفيذ القرار رقم 278 الصادر بتاريخ 12/2/1996 مع ما يترتب على ذلك من آثار أهمها الإبقاء على شغله لوظيفة رئيس قسم التعاون بمديرية الإصلاح الزراعى بدمياط وفى الموضوع بإلغاء هذا القرار وما يترتب على ذلك من آثار.
وقال المدعى شرحاً لدعواه إنه يعمل بالإصلاح الزراعى بوظيفة مهندس زراعى منذ عام 1969 وظل يتدرج حتى حصل على الدرجة الأولى عام 1994 وهو يعمل مفتش أول تعاون بمنطقة كفر سعد للإصلاح الزراعى، ثم صدر القرار رقم 1600 فى 12/9/1995 بتعيينه رئيس قسم التعاون بمديرية دمياط للإصلاح الزراعى ـ وهى أعلى وظيفة تعاون بالمديرية،
إلا أنه نتيجة تظلم زميله المدعى عليه الثانى (عبدالجواد عرفه) من هذا القرار فقد صدر القرار المطعون فيه رقم 278 لسنة 1996 بسحبه.
وأضاف المدعى أن وظيفة رئيس قسم التعاون بمديرية دمياط منصب رئاسى ولا يجوز أن يشغل هذه الوظيفة من يشغل الدرجه الثانية فى وجود من يشغل الدرجه الاولى.
وبجلسة 27/12/1997 صدر الحكم فيه بقبول الدعوى شكلاً وبإلغاء القرار المطعون فيه رقم 278 لسنة 96 فيما تضمَّنه من سحب القرار رقم1600 لسنة 95 مع ما يترتب على ذلك من آثار.
وشيدت المحكمة قضاءها بأن الثابت من الأوراق أن الجهة الإدارية أصدرت القرار رقم 1385 لسنة 1995 فى 14/8/1995 بندب السعيد عبدالجواد عرفة رئيساً لقسم التعاون بمديرية دمياط للإصلاح الزراعى إلا أن المديرية اعترضت على هذا القرار لما يترتب على تنفيذه من عدم استقرار أوضاع العمل نظرًا لندب المذكور على قمة جهاز التعاون فى حين يوجد ضمن العاملين به من هم بالدرجة الاولى التخصصيه، ونتيجة لذلك فقد صدر القرار رقم 1600 لسنة 1995 بتاريخ 12/9/1995 بتكليف المدعى (مفتش التعاون) رئيساً لقسم التعاون بالمديرية، وعلى أثر ذلك تقدم السعيد عبدالجواد عرفة بتظلم إلى المستشار القانونى للهيئة المدعى عليها وبناءً على رأى سيادته فى مذكرة بحث التظلم صدر القرار المطعون فيه رقم 278 لسنة 1996 بتاريخ 12/2/1996 متضمنًا سحب القرار 1600 لسنة 1995 المشار إليه فيما تضمَّنه من تكليف المدعى رئيساً لقسم التعاون بالمديرية.
وأضافت المحكمة أنه يبين مما تقدم أن القرار المطعون فيه رقم 278 لسنة 1996 صدر بتاريخ 12/2/1996 بسحب القرار 1600 لسنة 1995 بعد فوات أكثر من ستين يوماً على صدور هذا القرار الأخير فى 12/9/1995، وعليه فإنه وأيًا ما كان الرأى فى مدى صحة القرار المسحوب رقم 1600 لسنة 1995 فإنه وبعد انقضاء أكثر من ستين يوماً على تاريخ صدور القرار المسحوب فما كان يجوز للإدارة سحب هذا القرار بعد أن اكتسب حصانة وبعد أن أصبح للمدعى بمقتضى هذا القرار حق مكتسب، ومن ثَمَّ يكون القرار المطعون فيه قد صدر مخالفاً للقانون.
ومن حيث إن الطعن الأول رقم 2483 لسنة 44ق. عليا يقوم على أسباب حاصلها مخالفة الحكم المطعون فيه للواقع والقانون لأن القرار رقم 1600 الصادر فى 12/9/1995 المتضمن تكليف أحمد محمد الحلوانى رئيساً لقسم التعاون بالمديرية لم يتحصن لأن الطاعن بادر بالتظلم منه فى الميعاد القانونى للسيد المستشار القانونى للهيئة العامه للإصلاح الزراعى، وعلى إثر صدور رأى سيادته ببطلان ذلك القرار رقم 278 لسنة 1996 بسحبه، وهو قرار سليم ولا مجال للقول بترتب حق مكتسب للمطعون ضده فى شغل وظيفة لا يستحقها خاصة بعد أن أصبح شغله لهذه الوظيفة مزعزعاً بعد أن تقدم الطاعن بتظلمه فضلا ً عن قيام الجهة الإدارية باتخاذ مسلك إيجابى لإجابة المتظلم إلى حقه.
ومن حيث إن الطعن الثانى رقم 2975 لسنة 44ق. عليا يقوم على أسباب حاصلها:
(1) إن السعيد عبدالجواد عرفة يعمل فى مجال التعاون منذ عام 1982 وحاصل على بكالوريوس الزراعة عام 1977 بينما يعمل أحمد محمد الحلوانى فى مجال التعاون منذ عام 1989 وحاصل على دبلوم الزراعة، ثم بكالوريوس معهد التعاون الزراعى عام 1996 وقد قامت المديرية بترشيح الأخير مع آخرين لشغل وظيفة رئيس قسم التعاون بالمديرية، إلا أن الجهة الرئاسية فى مجال التعاون بالهيئة قامت بترشيح السعيد عبدالجواد عرفه لشغل تلك الوظيفة لانطباق شروط شغلها عليه وهو ما انتهى إليه رأى المستشار القانونى للهيئة وهو رأى قانونى بمنأى عن إساءة استعمال السلطة.
(2) إن القرار المسحوب لم يتحصن نظراً للتظلم منه فى الميعاد القانونى وبصرف النظر عن تاريخ سحبه، لأن القول بتحصن القرار منه رغم التظلم فى الميعاد يؤدى إلى تحصن القرارات الباطلة.
(3) عدم اختصاص محاكم مجلس الدولة بالنظر فى طلبات إلغاء قرارات الندب.
ومن حيث إنه عن الدفع بعدم اختصاص محاكم مجلس الدولة بنظر طلبات إلغاء قرارات ندب الموظفين فهو دفع فى غير محله ذلك لأن القضاء الإدارى أصبح صاحب الولاية العامة فى الفصل فى سائر المنازعات الإدارية طبقاً لنص البند الرابع عشر من المادة العاشرة من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972 مما يتعين معه رفض هذا الدفع.
ومن حيث إن المادة (56) من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978 تنص على أنه “يجوز بقرار من السلطة المختصة ندب العامل للقيام مؤقتاً بعمل وظيفة أخرى من نفس وظيفته أو وظيفة تعلوها مباشرة فى نفس الوحدة التى يعمل بها أو فى وحدة أخرى إذا كانت حاجة العمل فى الوظيفة الأصلية تسمح بذلك ………”.
ومن حيث إنه وإن كان الندب حسبما يستفاد من النص السابق أمراً تترخص فيه الجهة الإدارية بما لها من سلطة تقديرية، وهو موقوت بطبيعته لا يقوم على الدوام والاستقرار، إلا أنه يتعين على الجهة الادارية عند استعمال سلطتها التقديرية فى هذا الشأن ألا تنحرف وتسيء استعمالها وأن تتم ممارستها لهذه السلطة في الحدود والأوضاع التى رسمها القانون بحيث إذا ندبت العامل إلى وظيفة تعلو وظيفته مباشرة أن تراعى أن يتوافر فى هذا العامل المنتدب وجه أفضلية له على أقرانه ممن هم أعلى منه درجة، بمراعاة أن الندب يعد شغلاً فعليًا للوظيفة التى انتدب إليها العامل ويتمتع العامل المنتدب بسائر امتيازات وسلطات هذه الوظيفة، ولا يجوز شغل الوظيفة الأعلى مباشرة إلا بمن هو أقدم ما دامت قد توافرت فيه اشتراطات شغلها من ناحية والكفاءة من ناحية أخرى، والقول بغير ذلك ينطوى على إهدار للتنظيم الوظيفى الذي يقوم على أساس من التدرج الهرمى الرئاسى بحيث يرأس الأعلى درجة أو الأقدم من هم دونه فى الدرجة أو الأقدمية إذ لا يستقيم بحال ولا يتفق مع مقتضيات النظام الإدارى أن تتجاهل الجهة الإدارية فيما تتخذه من قرارات الندب الترتيب الهرمى الرئاسى للعاملين مما يجعل الأدنى درجة رئيساً لمن يعلوه درجة وهذا يجد حده الطبيعى فى رقابه المشروعية لأعمال الجهة الإدارية حتى يسود حكم القانون وتتحقق الطمأنينة الإدارية والعدالة فى علاقاتها بعمالها عند إدارتها للمرفق العام القائمة عليه.
ومن حيث إنه لما كان ما تقدم وكان الثابت من الأوراق أن المطعون ضده أحمد محمد الحلوانى يشغل وظيفة من الدرجة الأولى منذ 20/12/1994، بينما كان الطاعن السعيد عبدالجواد عرفة يشغل وظيفة من الدرجة الثانية عند صدور القرار المطعون فيه رقم 278 لسنة 1996 ومع ذلك قامت الجهة الإدارية بإصدار قرارها الطعين بسحب قرار ندب الأقدم، وندب الأحدث إلى وظيفة رئيس قسم التعاون بمديرية الإصلاح الزراعى بدمياط وهى وظيفة تعلو وظيفته وجعلته رئيساً للمطعون ضده أحمد محمد الحلوانى وقد خلت الأوراق من وجه أفضلية أو كفاءة عن المطعون ضده مما يصم هذا القرار بعيب مخالفة القانون لإهداره للتنظيم الوظيفي الذى يقوم على أساس من التدرج الهرمى الرئاسى، ويكون خليقاً بالرفض. وإذ انتهى الحكم المطعون فيه إلى هذه النتيجة فإنه يكون قد صدر مطابقًا لصحيح حكم القانون
لما سلف من أسباب ولا ينال من ذلك القول بأن شروط شغل وظيفة رئيس قسم التعاون بمديرية دمياط تتطلب فيمن يشغلها أن يكون بوظيفة من الدرجة الثانية بالمجموعة النوعية للوظائف التخصصية الزراعية وقضاء مدة بينية قدرها ست سنوات ـ وأن المطعون ضده لا تتوافر فيه هذه الشروط لكونه يشغل وظيفة من الدرجة الأولى بالمجموعة النوعية للوظائف التخصصية الزراعية فهذا القول غير سديد ذلك أن هذه الشروط تمثل الحد الأدنى ولا يستساغ القول بعدم توافر شروط شغل الوظيفة لمن يشغل درجة وظيفة أعلى فى ذات المجموعة الوظيفية أو لمن قضى مدة بينية أكبر فى الوظيفة السابقة أى يكون مستحقاً لشغل الوظيفة الأعلى من باب أولى، وعلى ذلك يكون الطعن الماثل غير قائم على سند صحيح من القانون خليقاً بالرفض وإلزام الطاعن المصروفات عملاً بحكم المادة (184) من قانون المرافعات.
حكمت المحكمة
بقبول الطعنين شكلاً، وبرفضهما موضوعاً، وألزمت كلاً من الطاعنين مصروفات طعنه.