جلسة 2 من يوليو سنة 2002م
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ د.عبد الرحمن عثمان أحمد عزوز
رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ على فكرى حسن صالح، ويحيى خضرى نوبى محمد، وأحمد عبد الحميد حسن عبود، ومحمد أحمد محمود محمد
نواب رئيس مجلس الدولة
وبحضور السيد الأستاذ المستشار/ أحمد الشحات
مفوض الدولة
وسكرتارية السيد/ كمال نجيب مرسيس
سكرتير المحكمة
الطعن رقم 5930 لسنة 45 قضائية عليا
ـ الهيئة العامة للاستثمار ـ الاختصاص بالموافقة على الترخيص بإقامة المشروعات الاستثمارية ـ سقوط الموافقة على المشروع ـ أحكامها.
المادة (27) من نظام استثمار رأس المال العربى والأجنبى الصادر بالقانون رقم 43 لسنة 1974 ولائحته التنفيذية الصادرة بقرار وزير الاقتصاد والتعاون الاقتصادى رقم 375 لسنة 1977.
المادتان (52) ، (54) من قانون الاستثمار رقم 230 لسنة 1989.
نظَّم المشرع إجراءات الحصول على ترخيص بإقامة المشروعات الاستثمارية وناط بمجلس إدارة الهيئة العامة للاستثمار سلطة منح هذا الترخيص فى ضوء تقديره لجدوى المشروع وأهميته فى إنعاش الاقتصاد القومى ـ بالنظر لما يوفره نظام الاستثمار الوارد بالقانون من مزايا وضمانات عديدة للمستثمرين بهدف تشجيعهم وجذب مدخراتهم لتوظيفها فى مشروعات تعود بالنفع العام على الاقتصاد القومى، فقد اشترط المشرع لاستمرار موافقة الهيئة العامة للاستثمار على إقامة المشروع أن يتخذ المستثمر إجراءات جدية لتنفيذ المشروع خلال مدة أقصاها ستة أشهر من تاريخ صدور الموافقة ـ رتب المشرع على مرور هذه المدة دون اتخاذ أى إجراء تنفيذى قيام قرينة على عدم جدية المستثمر ومن ثَمَّ قرر سقوط الموافقة على المشروع ما لم يقرر مجلس الإدارة تجديدها للمدة التى يراها ـ على المستثمر فى حالة وجود أية ظروف تحول دون اتخاذ إجراءات تنفيذية للموافقة الصادرة له من الهيئة خلال المهلة المشار إليها أن يتقدم بطلب إلى الهيئة لمد تلك المهلة ـ وقد أعاد المشرع تنظيم إجراءات الحصول على ترخيص بإقامة المشروعات الاستثمارية وردد ذات الحكم بالنسبة لسقوط الموافقة على المشروع مع زيادة المهلة إلى سنة بدلاً من ستة أشهر، كما استحدث حكمًا جديدًا خوَّل بمقتضاه مجلس إدارة الهيئة سلطة توقيع جزاءات على مخالفة أحكامه أو عدم الالتزام بالشروط والأهداف المحددة للمشروع وهذه الجزاءات تتفاوت بحسب جسامة المخالفة؛ حيث تبدأ بتقصير مدة الإعفاءات الضريبية المقررة للمشروع ثم إلغاء هذه الإعفاءات كلية ثم إلغاء الموافقة على المشروع، ويُشترط لصحة توقيعها إعطاء المشروع مهلة لإزالة المخالفة قبل توقيع الجزاء ـ مؤدى ذلك ـ أن سقوط الموافقة على المشروع ليس جزاءً باتاً يقع بقوة القانون وإنما هو معلق على إرادة مجلس الإدارة فله أن يقرر السقوط أو يجدد الموافقة للمدة التى يراها، ولا جدال أن سكوت مجلس الإدارة عن تقرير السقوط بعد تحقق موجبه يعد موافقة ضمنية على التجديد ـ تطبيق.
فى يوم السبت الموافق 12 من يونيه سنة 1999 أودع الأستاذ/ حمدى عبد العزيز قنديل، المحامى بصفته رئيسًا لمجلس إدارة الشركات الطاعنة، قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن ـ قيد برقم 5930 لسنة 45ق. عليا ـ فى الحكم الصادر عن محكمة القضاء الإدارى الدائرة الرابعة بالقاهرة فى الدعوى رقم 2617 لسنة 47ق. والقاضى فى منطوقه “برفض الدعوى وألزمت المدعى المصروفات”.
وطلب الطاعن ـ للأسباب الواردة بتقرير الطعن ـ الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجدداً بإلغاء القرار الصادر عن مجلس إدارة الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة رقم 191 لسنة 1992 بإلغاء الموافقة الصادرة للشركة التى يمثلها بإنشاء مشروع سكنى بمدينة شبين الكوم، وما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام المطعون ضدهما بالمصروفات والأتعاب عن درجتى التقاضى.
وجرى إعلان الطعن إلى المطعون ضدهما على النحو المبين بالأوراق.
وقدمت هيئة مفوضى الدولة تقريراً برأيها القانونى فى الطعن ارتأت فيه الحكم بقبوله شكلاً وبإلغاء الحكم المطعون فيه والقرار المطعون فيه وإلزام المطعون ضدهما المصروفات.
وعين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 21/5/2001، وتدوول بجلسات المرافعة على النحو المبين بمحاضر الجلسات، وبجلسة 7/1/2002 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الأولى ـ موضوع) لنظره بجلسة 9/2/2002، وبهذه الأخيرة قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة 22/6/2002، وصرحت بتقديم مذكرات فى شهر، ومضى هذا الأجل دون أن يقدم أى من الطرفين شيئاً.
وبجلسة 22/6/2002 قررت المحكمة إرجاء النطق بالحكم لجلسة 29/6/2002 لإتمام المداولة، وفيها مد أجل النطق بالحكم لجلسة اليوم وفيها صدر هذا الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه صدر بتاريخ 30/1/1999، وإن الطاعن تقدم بالطلب رقم 208 لسنة 45ق. عليا بتاريخ 22/3/1999 لإعفائه من رسوم الطعن، وبجلسة 18/4/1999 تقرر رفض طلبه فأقام طعنه الماثل بتاريخ 12/6/2001، ومن ثَمَّ فان هذا الطعن يكون قد أقيم خلال الميعاد المقرر قانونًا، وإذ استوفى أوضاعه الشكلية الأخرى فإنه يكون مقبولاً شكلاً.
ومن حيث إن عناصر هذا النزاع تخلص ـ حسبما يبين من الأوراق ـ فى أنه بتاريخ 14/1/1993 أقام الطاعن الدعوى رقم 2617 لسنة 47ق. أمام محكمة القضاء الإدارى الدائرة الرابعة بالقاهرة، طالبًا الحكم بوقف تنفيذ ثُمَّ إلغاء قرار مجلس إدارة الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة رقم 191 لسنة 1992 فيما تضمنه من إلغاء الموافقة الصادرة له بصفته رئيس مجلس إدارة شركة المنوفية للإسكان والتعمير بإنشاء مشروع سكنى بمدينة شبين الكوم مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الجهة الإدارية بالمصروفات.
وقال شرحاً لدعواه: إن مجلس إدارة الهيئة العامة للاستثمار وافق بموجب قراره رقم 140/15/1986 المؤرخ 10/11/1986 للشركة التى يمثلها على إقامة مشروع سكنى بمدينة شبين الكوم يشمل عدد 324 وحدة سكنية، وذلك بنظام الاستثمار الداخلى طبقًا لأحكام قانون الاستثمار رقم 43 لسنة 1974، وتضمنت الموافقة أن مدة المشروع خمسة وعشرون عامًا واشترطت الانتهاء منه خلال ثلاث سنوات من تاريخ حصول المشروع على تراخيص البناء وإلا سقط حق المشروع فى الإعفاء الضريبى، وقد حصلت الشركة على أربعة تراخيص لبناء عدد 4 عمارات وقامت بالفعل ببناء هذه العمارات الأربع بعدد 76 وحدة سكنية بالكامل، إلا أنه نظراً لحدوث ظروف قهرية خارجة عن إرادة الشركة تتمثل فى إيقاف تراخيص البناء بمدينة شبين الكوم لحين اعتماد وزير الإسكان تخطيط الحيز العمرانى الجديد للمدينة فلم تتمكن الشركة من استكمال بناء باقى العمارات المصرح بها.
وأضاف المدعى أنه رغم هذا الظرف القهرى فوجئ بإخطار من الهيئة العامة للاستثمار بموجب كتابها رقم 251 المؤرخ 2/11/1992 بإلغاء الموافقة على المشروع فتظلم من هذا القرار إلى رئيس مجلس إدارة الهيئة ولكن رُفض تظلمه، ونعى المدعى على القرار المطعون فيه مخالفته للقانون، وذلك على أساس أن الشركة لم تقصر فى تأدية التزاماتها القانونية، حيث قامت ببناء العمارات التى حصلت على تراخيص ببنائها من الوحدة المحلية بشبين الكوم، أما باقي العمارات فقد استحال عليها بناؤها لعدم استطاعة الحصول على التراخيص اللازمة لإقامتها بسبب قيام الوحدة المحلية بإيقاف كافة تراخيص البناء بمدينة شبين الكوم، وهو سبب خارج عن إرادة الشركة المدعية، كما أن القرار المطعون فيه صدر باطلاً لمخالفته البند (17) من شروط الموافقة على المشروع والذى نص على أن يتم التنفيذ خلال ثلاث سنوات من صدور الترخيص، إذ يُقصد بلفظ “الترخيص” جميع تراخيص البناء وليس ترخيصًا واحدًا، وقد قام بالانتهاء من بناء العمارات الأربع التى استطاع الحصول على تراخيص بها خلال السنوات الثلاث التالية لاستخراج تلك التراخيص، وسوف يقوم ببناء باقى العمارات خلال السنوات الثلاث التالية لاستخراج التراخيص الخاصة بها عند تصريح الوحدة المحلية بالحصول عليها، كذلك جاء القرار المطعون فيه باطلاً لإلغائه الموافقة الصادرة للمشروع دون ذكر أى سبب لهذا الإلغاء، ولتوقيعه جزاءً غير وارد فى شروط الموافقة ومخالفته المادة (54) من قانون الاستثمار رقم 230 لسنة 1989، فضلاً عن إساءة استعمال السلطة والانحراف بها.
وبجلسة 2/11/1993 قضت محكمة القضاء الإدارى فى الشق العاجل من الدعوى بقبولها شكلاً وبرفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه وألزمت المدعى مصروفاته.
كما أصدرت المحكمة بجلسة 30/1/1999 حكمها المطعون فيه برفض الدعوى، وشيَّدت قضاءها على أن الثابت من الأوراق أن الشركة التى يمثلها المدعى قد تراخت فى تنفيذ المشروع محل الموافقة لمدة قاربت السبع سنوات دون أن تقدم أى دليل يبرر هذا التراخى، ومن ثَمَّ تكون قد خالفت شروط الترخيص الممنوح لها ويكون القرار المطعون فيه بإلغاء الموافقة على المشروع قد صدر قائمًا على سبب صحيح يبرره واقعاً وقانوناً الأمر الذى يعصمه من الإلغاء، وأنه لا يغير من ذلك ما قرره المدعى من أن سبب تراخى الشركة فى استكمال باقى وحدات المشروع يرجع إلى صدور قرار بإيقاف تراخيص المباني بمدينة شبين الكوم، إذ إنه لم يقدم أى مستند يفيد صحة هذا الادعاء.
إلا أن المدعى لم يرتض قضاء المحكمة سالف الذكر فأقام طعنه الماثل ينعى فيه على الحكم أنه صدر مخالفًا للقانون ومشوبًا بالقصور فى التسبيب والفساد فى الاستدلال، وذلك على سند من القول بأن الهيئة المطعون ضدها لم تخطر الشركة الطاعنة بإزالة المخالفة التى نسبتها إليها طبقًا لحكم المادة (54) من قانون الاستثمار رقم 230 لسنة 1989 ولم تجر أى تحقيق معها لسماع أقوالها ومناقشتها وإنما قامت بتطبيق أقصى جزاء على الشركة دون مراعاة التدرج فى تطبيق الجزاءات حسب جسامة المخالفة، كما أن السبب فى عدم استكمال المشروع هو عدم صدور التراخيص اللازمة للبناء نتيجة قيام الوحدة المحلية لمركز ومدينة شبين الكوم بإيقاف إصدار تراخيص البناء بزمام المدينة، وهو ما يشكل قوة قاهرة تمنع من إلغاء الترخيص الصادر للشركة، كما أن القرار المطعون فيه تضمَّن توقيع جزاء غير منصوص عليه فى الموافقة والتى اقتصرت طبقًا لما جاء بالبند (17) على سقوط الحق فى الإعفاء الضريبى عند وجود أى مخالفة دون إلغاء الموافقة ذاتها، فضلاً عن أن القرار المطعون فيه لم يتضمن أى سبب لإصداره، وأضاف الطاعن أنه أوضح ذلك فى صحيفة دعواه أمام محكمة أول درجة ولكنها أغفلت الرد عليه وأهدرت هذا الدفاع الجوهرى.
ومن حيث إن المادة (27) من نظام استثمار رأس المال العربى والأجنبى الصادر بالقانون رقم 43 لسنة 1974 ـ معدلة بالقانون رقم 32 لسنة 1977 ـ تنص على أن “تقدم طلبات الاستثمار إلى الهيئة، ويوضح فى الطلب المال المراد استثماره وطبيعته وسائر البيانات الأخرى التى من شأنها إيضاح كيان المشروع المقدم بشأنه الطلب، ولمجلس إدارة الهيئة سلطة الموافقة على طلبات الاستثمار التى تقدم إليه، وتسقط هذه الموافقة إذا لم يقم المستثمر باتخاذ خطوات جدية بتنفيذها خلال ستة أشهر من صدورها ما لم يقرر المجلس تجديدها للمدة التى يراها”. كما تنص المادة (46) من اللائحة التنفيذية للقانون المذكور والصادرة بقرار وزير الاقتصاد رقم 375 لسنة 1977 على أنه “يتعين على المستثمرين اتخاذ إجراءات جدية لتنفيذ الموافقات الصادرة لهم من الهيئة فى خلال ستة أشهر من تاريخ إخطارهم بقرار مجلس إدارة الهيئة. وفى حالة وجود أية ظروف تحول دون اتخاذ الإجراءات التنفيذية المشار إليها، فعلى المستثمر التقدم للهيئة بطلب لمد المهلة المحددة، ويُعرض الأمر على مجلس إدارة الهيئة لمد المهلة للفترة التى يراها”.
وتنص المادة (52) من قانون الاستثمار الصادر بالقانون رقم 230 لسنة 1989 على أن “تقدم طلبات الاستثمار إلى الهيئة، ويوضح فى الطلب المال المراد استثماره وطبيعته وسائر البيانات الأخرى التى من شأنها إيضاح كيان المشروع، ويصدر مجلس إدارة الهيئة قراره بالموافقة على الطلب أو رفضه خلال عشرين يومًا من تاريخ تقديم الأوراق مستوفاة للهيئة، ويجب أن يكون قرار الرفض مسبباً، ويجوز لصاحب الشأن التظلم من القرار إلى مجلس إدارة الهيئة خلال أسبوعين من تاريخ إبلاغه بالقرار. وتسقط الموافقة إذا لم يقم المستثمر باتخاذ خطوات جدية فى تنفيذها خلال سنة من تاريخ صدورها ..”. كما تنص المادة (54) من القانون المذكور على أنه “فى حالة مخالفة المشروع لأحكام هذا القانون أو عدم التزامه بالشروط والأهداف المحددة له، يكون لمجلس إدارة الهيئة اتخاذ أحد الإجراءات التالية حسب جسامة المخالفة وظروف ارتكابها ومدى الأضرار التى تصيب الاقتصاد القومى، وذلك إذا لم يقم المشروع بإزالة المخالفة خلال المدة التى تحددها الهيئة: (أ) تقصير مدة الإعفاءات الضريبية المقررة للمشروع للمدة التى يحددها فى القرار الصادر بذلك. (ب) إلغاء الإعفاءات الضريبية المقررة للمشروع وذلك اعتبارًا من تاريخ وقوع المخالفة. (ج) إلغاء الموافقة على
المشروع ……..”.
ومن حيث إنه يبين من هذه النصوص أن المشرع فى القانون رقم 43 لسنة 1974 بنظام استثمار رأس المال العربى والأجنبى قد نظم إجراءات الحصول على ترخيص بإقامة المشروعات الاستثمارية، وناط بمجلس إدارة الهيئة العامة للاستثمار سلطة منح هذا الترخيص فى ضوء تقديره لجدوى المشروع وأهميته فى إنعاش الاقتصاد القومى، وأنه بالنظر لما يوفره نظام الاستثمار الوارد بهذا القانون من مزايا وضمانات عديدة للمستثمرين بهدف تشجيعهم وجذب مدخراتهم لتوظيفها فى مشروعات تعود بالنفع العام على الاقتصاد القومى، فقد اشترط المشرع لاستمرار موافقة الهيئة العامة للاستثمار على إقامة المشروع أن يتخذ المستثمر إجراءات جدية لتنفيذ المشروع خلال مدة أقصاها ستة أشهر من تاريخ صدور الموافقة، ورتب على مرور هذه المدة دون اتخاذ أى إجراء تنفيذى قيام قرينة على عدم جدية المستثمر، ومن ثَمَّ قرر سقوط الموافقة على المشروع ما لم يقرر مجلس الإدارة تجديدها للمدة التى يراها. وقد أوجبت المادة (46) من اللائحة التنفيذية للقانون المذكور على المستثمر فى حالة وجود أية ظروف تحول دون اتخاذ إجراءات تنفيذية للموافقة الصادرة له من الهيئة خلال المهلة المشار إليها أن يتقدم بطلب إلى الهيئة لمد تلك المهلة، ولدى صدور قانون الاستثمار رقم 230
لسنة 1989 الذى حل محل القانون رقم 43 لسنة 1974 المشار إليه أعاد المشرع فى المادة (52) منه تنظيم إجراءات الحصول على ترخيص بإقامة المشروعات الاستثمارية وردد ذات الحكم الوارد بالقانون السابق بالنسبة لسقوط الموافقة على المشروع مع زيادة المهلة إلى سنة بدلاً من ستة أشهر. كما استحدث فى المادة (54) حكمًا جديدًا خوَّل بمقتضاه مجلس إدارة الهيئة سلطة توقيع جزاءات على مخالفة أحكامه أو عدم الالتزام بالشروط والأهداف المحددة للمشروع، وهذه الجزاءات تتفاوت بحسب جسامة المخالفة؛ حيث تبدأ بتقصير مدة الإعفاءات الضريبية المقررة للمشروع، ثم إلغاء هذه الإعفاءات كلية، ثم إلغاء الموافقة على المشروع، ويشترط لصحة توقيعها إعطاء المشروع مهلة لإزالة المخالفة قبل توقيع الجزاء.
وجدير بالذكر أن سقوط الموافقة على المشروع إذا لم تتخذ خطوات جدية خلال ستة أشهر (أو سنة) من تاريخ موافقة مجلس إدارة الهيئة العامة للاستثمار على المشروع، ليس جزاءً باتاً يقع بقوة القانون وإنما هو معلق ـ وفقًا لصريح النص ـ على إرادة مجلس الإدارة، فله أن يقرر السقوط أو يجدد الموافقة للمدة التى يراها ولا جدال أن سكوت مجلس الإدارة عن تقرير السقوط بعد تحقق موجبه يعد موافقة ضمنية على التجديد.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن الطاعن بصفته تقدم بطلب إلى الهيئة العامة للاستثمار، للحصول على موافقتها على تنفيذ مشروع شركة المنوفية للإسكان والتعمير لإقامة عدد 324 وحدة سكنية من المستوى المتوسط بمدينة شبين الكوم، وأنه بتاريخ 10/11/1986 أصدر مجلس إدارة الهيئة القرار رقم 140/15/86 بالموافقة على إقامة المشروع المذكور بنظام الاستثمار الداخلى طبقاً لأحكام القانون رقم 43 لسنة 1974 ووفقًا للشروط الواردة بالقرار، ونص هذا القرار فى البند (7) منه على أن يلتزم المشروع بالأهداف والبرنامج الموضح بالدراسة المعتمدة مع مراعاة أحكام المادة (27) من القانون رقم 43 لسنة 1974 المعدل والمادة (46) من اللائحة التنفيذية …”. كما نص فى البند (17) على أنه “يشترط الانتهاء من بناء كافة الوحدات السكنية بالكامل خلال ثلاث سنوات من تاريخ حصول المشروع على تراخيص البناء وإلا سقط حق المشروع فى الإعفاء الضريبى”. ونص فى البند (18) على أن “هذه الموافقة شخصية ويتعين الرجوع إلى الهيئة فى حالة التنازل عنها أو تعديلها، وللهيئة أن تسحب موافقتها هذه أو تلغيها بحسب الأحوال إذا ما أخل المشروع بأى شرط من شروطها لأى سبب من الأسباب .. وبناءً على هذه الموافقة قام الطاعن بتنفيذ أربع عمارات سكنية بعدد 76 وحدة سكنية بموجب التراخيص أرقام 18 لسنة 1988، و488 لسنة 1989، و489 لسنة 1989، و839 لسنة 1989، ولكنه توقف عن استكمال باقى الوحدات بسبب أن الوحدة المحلية بشبين الكوم قررت إيقاف تراخيص البناء بالمدينة لحين اعتماد تخطيط الحيز العمرانى لها من وزارة الإسكان، الأمر الذى حدا بمجلس إدارة الهيئة العامة للاستثمار إلى إصدار القرار رقم 191/266/92 بتاريخ 7/10/1992 (المطعون فيه) بإلغاء الموافقة الصادرة للمشروع.
ومن حيث إن مجلس إدارة الهيئة العامة للاستثمار لم يستعمل حقه فى تقرير سقوط الموافقة الصادرة للطاعن بتاريخ 10/11/1986 خلال مدة 6 أشهر من تاريخ الموافقة عملاً بحكم المادة (27) من القانون رقم 43 لسنة 1974 الذى صدرت فى ظله هذه الموافقة، وذلك رغم تحقق موجب السقوط لخلو الأوراق مما يفيد قيام الطاعن باتخاذ أى إجراء تنفيذى خلال تلك المهلة، وظل مجلس الإدارة على هذه الحال حتى تاريخ صدور القرار المطعون فيه بإلغاء الموافقة على المشروع فى 7/10/1992، الأمر الذى يُستفاد منه أن مجلس إدارة الهيئة قد تنازل عن حقه فى تقرير السقوط مؤثرًا عليه سلطته فى إلغاء الموافقة على المشروع استناداً إلى حكم الفقرة (ج) من المادة (54) من القانون رقم 230 لسنة 1989.
ومن حيث إن الثابت من رد الهيئة المطعون ضدها على الطعن أن أسباب إلغاء الموافقة على المشروع محل النزاع تكمن فى:
1ـ عدم تنفيذ المشروع ما تضمّنه البند رقم (17) من قرار الموافقة من حيث الانتهاء من بناء كافة الوحدات السكنية بالكامل خلال ثلاث سنوات من تاريخ الحصول على تراخيص البناء.
2ـ عدم تنفيذ المشروع للحد الأدنى لمشروعات الإسكان المتوسط وهى 200 وحدة سكنية طبقًا لقرار مجلس إدارة الهيئة رقم 112/3/84 بتاريخ 6/3/1984.
3ـ مخالفة المشروع لنص المادة (54) فقرة (ج) من القانون رقم 230 لسنة 1989.
ومن حيث إن الجزاء المقرر على مخالفة المشروع للبند (17) المشار إليه هو سقوط حق المشروع فى الإعفاء الضريبى طبقاً لما ورد النص عليه فى هذا البند وليس إلغاء المشروع كلية، وأن وضع حد أدنى لتنفيذ مشروعات الإسكان المتوسط بعدد 200 وحدة سكنية لم يرد ضمن شروط الموافقة على المشروع التى أخطر بها الطاعن فى 25/11/1986، فضلاً عن أن الثابت من الأوراق أن عدم تنفيذ الوحدات المطلوبة من المشروع مرده إلى ظروف خارجة عن إرادته، وذلك حسبما تدل عليه الشهادة الصادرة من الوحدة المحلية لمركز ومدينة شبين الكوم فى 18/3/1995 والمودعة أمام محكمة أول درجة بجلسة 19/3/1997، بأن تراخيص البناء بحوض مهنا رقم (9) الكائنة به أرض المشروع موقوفة منذ خمس سنوات لحين الانتهاء من اعتماد التخطيط العام للمدينة. كما أن تطبيق الحكم الوارد بالفقرة (ج) من المادة (54) من القانون رقم 230 لسنة 1989 منوط بتحقيق أمرين، الأول : أن تكون المخالفة بلغت حدًا من الجسامة لا يجدى معها سوى توقيع هذا الجزاء الذى هو أقصى الجزاءات المنصوص عليها فى تلك المادة، ومن غير المستساغ القول بهذه الجسامة مع وجود ظروف خارجة عن إرادة الشركة الطاعنة حسبما سلف بيانه، والثانى: أن تقوم الهيئة بإخطار المشروع ـ قبل توقيع الجزاء ـ لإزالة المخالفة خلال المدة التى تحددها له الهيئة، وهو ما لم يحدث حيث أنكر الطاعن حصول هذا الإخطار ولم تقدم الهيئة الطاعنة ما يثبت خلاف ذلك.
ومن حيث إنه متى كان ما تقدم فإن الأسباب التى قام عليها قرار مجلس الهيئة رقم 191/266 لسنة 1992 المطعون فيه، تكون غير سائغة ولا تتفق وصحيح حكم الواقع والقانون، الأمر الذى يضحى معه هذا القرار معيبًا ومخالفًا لأحكام القانون مما يستوجب القضاء بإلغائه مع ما يترتب على ذلك من آثار.
وإذ ذهب الحكم المطعون فيه غير هذا المذهب وقضى برفض طلب إلغاء القرار المطعون فيه، تأسيسًا على أن المدعى (الطاعن) تراخى فى تنفيذ المشروع لمدة قاربت على السبع السنوات دون أن يقدم دليلاً يبرر هذا التراخى، مما يفيد أن الحكم أغفل الشهادة الصادرة عن الوحدة المحلية لمركز ومدينة شبين الكوم فى هذا الصدد والتى تقر فيها الوحدة بالسبب الذى استند إليه المدعى فى دعواه، وهو وقف تراخيص البناء فى الأرض الكائن بها موقع المشروع، فإن الحكم المطعون فيه يكون والحالة هذه قد أخفق فى قضائه على نحو يوجب الحكم بنقضه.
ومن حيث إنه لا ينال من ذلك ما ذهبت إليه الهيئة المطعون ضدها من أن الشركة الطاعنة حصلت على الموافقة بإقامة مشروعها بتاريخ 10/11/1986 وكان يتعين عليها أن تبدأ مشروعها بالحصول على تراخيص البناء منذ ذلك التاريخ، إلا أنها تقاعست ولم تحصل إلا على ترخيص بناء 60 وحدة فقط من إجمالى عدد 324 وحدة، كما أن أول ترخيص تقدمت به الشركة كان فى 11/3/1989 وان المهلة المحددة بثلاث سنوات التى اشترطها مجلس إدارة الهيئة تنتهى فى 11/3/1992 ومع ذلك صدر قرار المجلس بإلغاء الموافقة على المشروع فى 7/10/1992 متجاوزًا تلك المهلة، فهذا القول مردود بأن الحصول على التراخيص اللازمة للبناء ليست هى المعول عليه فى حساب المدة المحددة لتنفيذ المشروع، وإنما المعول عليه هو الفترة اللاحقة للحصول على الترخيص والمحددة بثلاث سنوات أى تحسب هذه المدة من تاريخ الحصول على ترخيص البناء، وأن الجزاء المترتب على عدم مراعاة هذه المدة طبقًا للبند (17) من شروط الموافقة على المشروع هو نقص مدة الإعفاءات الضريبية للمشروع أو إلغاؤها وليس إلغاء الموافقة عليه كلية حسبما تضمَّن ذلك القرار المطعون فيه، الأمر الذى يجعل الجزاء الموقع على الشركة الطاعنة فى غير موضعه، ومن جهة أخرى فقد أكد الطاعن فى دفاعه أنه لم يأل جهدًا فى سبيل الحصول على التراخيص اللازمة لاستكمال بناء باقى وحدات المشروع، حتى بلغ به المدى أن عرَّض نفسه للعقوبات الجنائية ليحصل على تراخيص جديدة؛ حيث حاول البناء على الأرض المخصصة للمشروع فحرر له عدد (3) جنح حصل فيها على أحكام بالبراءة من تهمة البناء على أرض زراعية وفور الحصول على هذه البراءة استخرج عدة تراخيص ونفذها فعلاً على الطبيعة، وقدم الطاعن تدعيمًا لأقواله حافظة مستندات طويت على صور محاضر المخالفات وأحكام البراءة والتراخيص المشار إليها. ولا ريب أن هذه الوقائع وإن كانت لاحقة على صدور القرار المطعون فيه، فإنها تعضد ولا شك قرينة الجدية فى التنفيذ من جانب الشركة الطاعنة بحسبان أن هذه القرينة لم يثبت انتفاؤها فى حق الشركة إبان صدور القرار محل الطعن.
ومن حيث إن من خسر الطعن يلزم بمصروفاته عملاً بحكم المادة (184) مرافعات.
حكمت المحكمة
بقبول الطعن شكلاً، وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجدداً بإلغاء القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار، وألزمت الجهة الإدارية المطعون ضدها المصروفات عن درجتى التقاضى.