جلسة 2 من يوليو سنة 2002م
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ جوده عبدالمقصود فرحات.
نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ سامى أحمد محمد الصباغ، وأحمد عبدالعزيز أبـوالعزم، ومصطفى محمد عبدالمعطى، وحسونة توفيق حسونــة.
نواب رئيس مجلس الدولة
وبحضور السيد الأستاذ المستشار/ حسين محمد صابر
مفوض الدولة
وسكرتارية السيد/ عصام سعد ياسين
سكرتير المحكمة
الطعن رقم 7316 لسنة 47 قضائية عليا
ـ شئون طلاب ـ تحويل ـ عدم جواز تحويل الطلاب من جامعات غير خاضعة لقانون تنظيم الجامعات لجامعات خاضعة له ـ استثناء ـ حالة الضرورة القصوى.
المادة (87) من اللائحة التنفيذية لقانون تنظيم الجامعات رقم 49 لسنة 1972 الصادرة بالقرار الجمهورى رقم 809 لسنة 1975 المعدلة بالقرار الجمهورى رقم 354 لسنة 1991.
وضع المشرع قاعدة عامة مؤداها عدم جواز التحويل ونقل قيد الطلاب من جامعات غير خاضعة لقانون الجامعات إلى جامعات خاضعة له إلا إذا كان الطالب حاصلاً على الحد الأدنى للقبول بالكلية المعنية فى شهادة الثانوية العامة أو ما يعادلها، وذلك إعمالاً لقاعدة المساواة بين الطلاب فى فرص القبول بالكليات وأن يكون المجموع هو أساس المفاضلة بين الطلاب ـ أجاز المشرع لوزير التعليم فى حالات الضرورة ولظروف غير متوقعة تحويل الطلاب على أن يصدر رئيس الجمهورية قراراً يحدد فيه القواعد والضوابط اللازمة للقبول فى هذه الحالة ـ يستلزم ذلك:أولاً: نشوء حالة الضرورة القصوى والظروف غير المتوقعة. ثانياً: بيان القواعد والضوابط الصادرة بقرار جمهورى ينظم القبول والتحويل عوضاً عن القاعدة العامة المشار إليها ـ حالات الضرورة القصوى المشار إليها هى تلك التى تجعل الفرد فى حالة لا يمكنه معها إدارة أموره بإرادته، بل يضطر مرغماً وبغير رغبة منه فى سلوك سبيل آخر أملته حالة الضرورة التى من أبرز أمثلتها حالتا الحرب وقطع العلاقات الدبلوماسية ـ تطبيق.
فى يوم الأحد الموافق 6/5/2001 أودع الأستاذ/ عقل قيصر سيدهم، المحامى نائباً عن الأستاذ/ عماد الدين فكرى بيومى، بصفته وكيلاً عن الطاعن قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريراً بالطعن ـ قيد بجدولها تحت رقم 7316 لسنة 47ق.عليا فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى ـ فى الدعوى رقم 525 لسنه 55 ق بجلسة 11/3/2001 والقاضى بقبول الدعوى شكلاً، وبرفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه وإلزام المدعى المصروفات.
وطلب الطاعن ـ للأسباب الواردة بتقرير الطعن ـ الحكم بقبول الطعن شكلاً وبإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجدداً بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الجهة الإدارية المصروفات عن الدرجتين.
وقد تم إعلان تقرير الطعن على النحو المبين بالأوراق، وقدمت هيئة مفوضى الدولة تقريراً مسبباً رأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً فيما يتعلق بطلب وقف تنفيذ الحكم مع إلزام الطاعن المصروفات عن درجتى التقاضى.
وتحدد لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 4/12/2001، وبجلسة 19/2/2002 قررت إحالته إلى هذه المحكمة والتى نظرته بجلستها على النحو الثابت بمحاضر الجلسات حتى قررت إصدار الحكم فى الطعن بجلسة اليوم، وبها صدر هذا الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع المرافعة، وبعد المداولة.
ومن حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه المقررة.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص ـ حسبما يبين من الأوراق ـ فى أن الطاعن أقام الدعوى رقم 525 لسنة 55ق بإيداع صحيفتها قلم كتاب محكمة القضاء الإدارى بتاريخ 25/10/2000 طلب فى ختامها الحكم بقبول الدعوى شكلاً وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ القرار السلبى بالامتناع عن قبول تحويل الطالب من كلية الطب بجامعة صنعاء بدولة اليمن إلى كلية الطب جامعة القاهرة مع ما يترتب على ذلك من آثار وفى الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه وإلزام الجهة الإدارية المصروفات. وقال شرحاً للدعوى إن والده تعاقد مع مستشفى الدكتور عبدالقادر المتوكل النموذجى بدولة اليمن للعمل هناك منذ 1/6/1999 حتى 31/5/2002 حسب العقد المبرم بينه وبين إدارة المستشفى وكانت معه أسرته ومنهم المدعى والذى التحق بكلية الطب جامعة صنعاء للعام الدراسى 99/2000. كما أن والدة المدعى كانت تعمل بمستشفى الدكتور عبدالقادر الجريبى بصنعاء كطبيبة عمومية فى الفترة من 1/10/1999 ونهاية العقد 30/9/2002،ونجح المدعى فى الصف الأول بطب صنعاء بتقدير جيد ولظروف مرض والدته بمرض أقعدها عن العمل، اضطر الزوج إلى إنهاء تعاقده مع دولة اليمن فى30/6/2000 قبل موعده المحدد وهو 31/5/2002 وقد أجرت والدته عملية استئصال ثدى بتاريخ 7/6/2000 ومازالت تحت العلاج الكيميائى المكمل ولم تستقر حالتها بعد وإزاء هذه الظروف تقدم المدعى بطلب لتحويله من طب صنعاء إلى طب القاهرة فأفادت الجامعة ومكتب التنسيق بعدم إمكانية التحويل ورفض مكتب التنسيق قبول أوراق الطاعن إلا فى كلية أخرى وفى الصف الأول وذلك بحجة صدور القرار رقم 354
لسنة 1991 بعدم جواز التحويل إلا إذا كان الطالب حاصلاً على الحد الأدنى فى شهادة الثانوية العامة أو ما يعادلها بالكلية المعنية التى يرغب فى التحويل إليها أو نقل قيده بها على أن يتم التحويل مركزياً عن طريق مكتب التنسيق وأنه يجوز لوزير التعليم فى حالات الضرورة القصوى تحويل الطلاب وفقاً للضوابط التى يصدر بها قرار من رئيس الجمهورية، وأن المدعى دخل كلية الطب بجامعة صنعاء وبسبب سفره مع والدته إلى أن حدثت ظروف مرض والدته والتى أضطرت معها الأسرة إلى العودة إلى مصر وإذا كانت ضوابط حالات الضرورة لم يصدر بها قرار من رئيس الجمهورية فقد جرت أحكام القضاء الإدارى إزاء هذا الفراغ التشريعى على تقرير الضرورة وفقاً لكل حالة وأن حالة الضرورة تتوافر فى شأن الطالب للأسباب السابقة وفقاً لنص المادة 87 من القرار الجمهورى رقم 809 لسنة 1975 باللائحة التنفيذية لقانون تنظيم الجامعات رقم 49 لسنة 1972 المعدلة بالقرار الجمهورى رقم 354 لسنة 1991 وأن الدستور المصرى قد كفل ضرورة الحفاظ على تماسك الأسرة وعدم انفراطها وتأكيد قيمتها العليا وأن تنفيذ القرار يترتب عليه أضرار يتعذر تداركها.
وبجلسة 11/3/2000 صدر الحكم المطعون فيه وأقامت المحكمة قضاءها على أن المشرع حظر تحويل ونقل الطلاب من كليات أو معاهد غير تابعة للجامعات الخاضعة لقانون تنظيم الجامعات المشار إليه، واستثنى المشرع من ذلك حالة ما إذا كان الطالب حاصلاً على الحد الأدنى فى شهادة الثانوية العامة وما يعادلها للقبول بالكلية التى يرغب الطالب فى التحويل أو النقل إليها على أن يتم التحويل مركزياً وعن طريق مكتب التنسيق للقبول بالجامعات والمعاهد العليا وأجاز المشرع لوزير التعليم فى حالات الضرورة القصوى التى يراها والظروف غير المتوقعة تحويل الطلاب وذلك وفقاً للقواعد والضوابط التى يصدر بها قرار من رئيس الجمهورية وأنه لم يصدر ذلك القرار حتى الآن، ولما كان البادى من ظاهر الأوراق أن الحد الأدنى الذى قبلت به كليات الطب بالجامعات المصرية هو المجموع الذى قبلته كلية الطب جامعة المنيا وهو 373.5 درجة، فى حين أن المجموع الذى حصل عليه المدعى فى الثانوية العامة طبقاً لبيان درجاته هو 363 درجة، ومن ثَمَّ لا يحق له الالتحاق بكلية الطب جامعة القاهرة وإنما بإحدى كليات الجامعة التى قبلت بهذا المجموع الأخير ولا يغير من ذلك ما قرره المدعى، حيث إن سلطة الوزير فى استثناء حالات الضرورة معلقة على صدور قرار جمهورى وهو لم يصدر بعد.
ومن حيث إن مبنى الطعن مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون والخطأ فى تطبيقه وتأويله تأسيسًا على ما يلى: أن المبدأ الذى تضمنته الفقرة الأولى من المادة 87 سالفة الذكر وإن صلح للتطبيق فى الحالات العادية إلا أنه لا يصلح فى الحالات الاستثنائية والتى تصادفها ظروف غير متوقعة وهى تلك الحالات التى تنطق الظروف المحيطة بها أنها لا تستهدف من طلبات التحويل الالتفات حول القانون أو شَابَ تصرفاتها الغش والتدليس. وقد أجاز المشرع لوزير التعليم قبول تحويل الطلاب فى حالات الضرورة القصوى والظروف غير المتوقعة استثناءً وعلى خلاف المبدأ السابق حيث يتمتع وزير التعليم العالى بسلطة لتقدير حالة الضرورة فى كل واقعة على حدة وما يحيط بها من ظروف وأنه وإن كان النص السالف الذكر قد وضع قيدًا على سلطة الوزير بأن يكون تقدير حالة الضرورة وفقًا للقواعد والضوابط التى يصدر بها قرار من رئيس الجمهورية ولم يصدر هذا القرار حتى تاريخه وإزاء هذا الفراغ التشريعى، فإن ذلك لا يعنى أن يظل حكم الفقرة المذكورة نظريًا ولا يدخل مجال التطبيق لأن هذا الاستثناء يقرر تطبيقًا لنظرية الضرورة وهى إحدى النظريات العامة فى القانون، وأن جوهر هذه النظرية واحد فى جميع القوانين التى نصت عليها، إذ إنها تفيد دائماً وجود خطر جسيم يتهدد مصلحة جوهرية لصاحبها دون أن يكون له دخل أو إرادة فى موضوع الفعل أو الأفعال التى تشكل هذا الخطر، الأمر الذى يتطلب إجراء الموازنة الدقيقة بين الخروج على مقتضيات المبدأ الدستورى وتكافؤ الفرص أمام المنتفعين بمرفق التعليم الجامعى والعالى وبين اعتبارات المحافظة على المصلحة المهددة بالخطر والتى يتوافر فيها أحد الظروف الاستثنائية وتوافرت بشأنها الضوابط والشروط اللازمة لتطبيق هذه النظرية أى إجراء التوازن بين مصلحة صاحب الشأن المهددة بالخطر والنص القانونى المطلوب مخالفته خروجاً على مبدأ المشروعية والسماح لصاحب الشأن بمخالفة هذا النص لحماية مركزه القانونى المهدد بالخطر.
ومن حيث إن المادة 87 من اللائحة التنفيذية لقانون تنظيم الجامعات رقم 49 لسنة 1972 الصادر بالقرار الجمهورى رقم 809 لسنة 1975 المعدل بالقرار الجمهورى رقم 354 لسنة 1991 تنص على أن: “لا يجوز تحويل ونقل قيد الطلاب من كليات أو معاهد غير تابعة للجامعات الخاضعة لقانون الجامعات إلا إذا كان الطالب حاصلاً على الحد الأدنى فى شهادة الثانوية العامة أو ما يعادلها للقبول بالكلية المعنية التى يرغب فى تحويل أو نقل قيده إليها، على أن يتم التحويل مركزياً عن طريق مكتب تنسيق القبول بالجامعات والمعاهد. ويجوز لوزير التعليم فى حالات الضرورة القصوى ولظروف غير متوقعة تحويل الطلاب وفقاً للقواعد والضوابط التى يصدر بها قرار من رئيس الجمهورية”.
ومفاد هذا النص أن المشرع وضع قاعدة عامة مؤداها عدم جواز تحويل ونقل قيد الطلاب من جامعات غير خاضعة للقانون رقم 49 لسنة 1972 إلى جامعات خاضعة له إذا كان الطالب حاصلاً على الحد الأدنى للقبول بالكلية المعنية فى شهادة الثانوية العامة أو ما يعادلها وذلك إعمالاً لقاعدة المساواة بين الطلاب فى فرص القبول بالكليات وأن يكون المجموع هو أساس المفاضلة بين الطلاب، وأجاز المشرع لوزير التعليم فى حالات الضرورة القصوى ولظروف غير متوقعة تحويل الطلاب على أن يصدر رئيس الجمهورية قراراً يحدد فيه القواعد والضوابط اللازمة للقبول فى هذه الحالة خروجاً على القواعد العامة المشار إليها، ومن ثَمَّ فإن الأمر يستلزم أولاً: نشوء حالة الضرورة القصوى والظروف غير المتوقعة، وثانياً: بيان القواعد والضوابط الصادرة بقرار جمهورى ينظم القبول والتحويل عوضاً عن القاعدة العامة المشار إليها.
وإذ يبين من ظاهر الأوراق أن الحد الأدنى الذى قبلته كليات الطب بالجامعات المصرية الخاضعة للقانون رقم 49 لسنة 1972 هو”373.5درجة” وهو المجموع الذى قبلته كلية طب جامعة المنيا فى حين أن مجموع الطاعن الحاصل عليه فى الثانوية العامة هو(363درجة) ومن ثَمَّ فإنه لا يحق له الالتحاق بكلية الطب جامعة القاهرة ولا أية كلية طب أخرى من كليات الطب المصرية لمخالفة ذلك للقاعدة العامة الواردة بالفقرة الأولى من المادة (87) المشار إليها، ولما كان الطاعن يطلب الإفادة من حكم الفقرة الثانية من النص المذكور فإنه فضلاً عن أنه لم يصدر قرار من رئيس الجمهورية بوضع الضوابط بحالة الضرورة، فإنه لما كانت حالة الطالب تتمثل فى حصوله على الثانوية العامة 1999 من إدارة مصر القديمة التعليمية وقد تعاقد والده للعمل طبيباً بمستشفى الدكتور عبدالقادر المتوكل النموذجى بدولة اليمن اعتباراً من 1/6/1999 حتى 31/5/2002، كما تعاقدت والدته للعمل كطبيبة بمستشفى الدكتور عبدالله الجرينى بصنعاء بدولة اليمن اعتباراً من 1/10/1999 حتى 30/9/2002، وإذ سافر الطاعن معهما إلى اليمن والتحق بكلية الطب والعلوم الصحية بجامعة صنعاء شعبة الطب البشرى، وأنهى المستوى الأول بهذه الكلية، وبتاريخ20/5/2000 أنهت والدته عملها بالمستشفى المذكورة نظرًا لظروفها الصحية والمتمثلة فى قيام والدته باستئصال ثدى لإصابتها بمرض السرطان، كما أنهى والده عمله نظرًا لهذا السبب بتاريخ 30/6/2000 ولما كانت الظروف الصحية لوالدة الطاعن المشار إليها لا تعد من حالات الضرورة القصوى الموجبة لمغادرة الطاعن دولة اليمن والعودة للقاهرة، وحالات الضرورة القصوى المشار إليها هى تلك التى تجعل الفرد فى حالة لا يمكنه معها إدارة أموره بإرادته بل يضطر مرغماً وبغير رغبة منه فى سلوك سبيل آخر أملته حالة الضرورة وأبرز مثالين لحالة الضرورة القصوى الواردة بالنص المذكور هى حالتا الحرب وقطع العلاقات الدبلوماسية وترحيل الرعايا المصريين، أما الحالة المرضية لوالدة الطاعن فلا تعد من حالات الضرورة المشار إليها وكان يكفى لمواجهتها إنهاء والده لعمله وعودته ووالدته للقاهرة وبقاء الطاعن لاستكمال دراسته بكلية طب صنعاء خاصة وأنه يمكنه العيش بمفرده بشىء من الجلد والمثابرة، ومن ثَمَّ لا تتوافر حالة الضرورة القصوى والظروف غير المتوقعة المبررة لقبوله بكلية طب القاهرة خلافًا للقاعدة العامة ومن ثَمَّ لا يتوافر ركن الجدية فى طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه مما يتعين رفض الطلب دون حاجة لبحث ركن الاستعجال لعدم جدواه، وإذ ذهب الحكم المطعون فيه هذا المذهب فإنه يكون متفقاً وأحكام القانون ويكون الطعن عليه على غير أساس جديراً بالرفض.
ومن حيث إن من يخسر الطعن يلزم بالمصروفات عملاً بحكم المادة (184) من قانون المرافعات.
حكمت المحكمة
بقبول الطعن شكلاً، ورفضه موضوعاً، وألزمت الطاعن المصروفات.