جلسة 26 من أغسطس سنة 2002م
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ د. عبد الرحمن عثمان أحمد عزوز.
رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ على فكرى حسن صالح، وأحمد عبد الحميد حسن عبود، وأحمد حلمى محمد أحمد، ومحمد أحمد محمود محمد.
نواب رئيس مجلس الدولة
وبحضور السيد الأستاذ المستشار/ فريد نزيه حكيم تناغو
مفوض الدولة
وحضور السيد/ كمال نجيب مرسيس
سكرتير المحكمة
الطعن رقم 5648 لسنة 46 قضائية عليا
ـ ترخيص المركبات ـ التغيير فى أجزاء المركبة ـ أحكامه.
المواد (2) , (11) , ( 17) من قانون المرور الصادر بالقانون رقم 66 لسنة 1973 ولائحته التنفيذية الصادرة بقرار وزير الداخلية رقم 291 لسنة 1974, والمعدلة بالقرار رقم 5330 لسنة 1994.
حرصاً من المشرع على حماية الأرواح والممتلكات نظم إجراءات تسيير المركبات فى الطريق العام, فحظر بغير ترخيص من قسم المرور المختص تسيير المركبة فى هذا الطريق ـ يشترط لإصدار الترخيص عدة شروط أهمها استيفاء اشتراطات الأمن والمتانة التى تحدد بقرار من وزير الداخلية ـ يجب على المرخص له الذى يرغب فى تغيير الأجزاء الجوهرية للمركبة
أو فى أوجه استعمالها أو وصفها أن يخطر قسم المرور المختص بذلك لإجراء الفحص الفنى على المركبة, ويعد بمثابة إخطار أن يكون طلب الفحص الفنى المقدم من المرخص له قد تضمَّن هذا التغيير ـ فوَّض المشرع وزير الداخلية فى تحديد الأجزاء والتغييرات الجوهرية الموجبة للإخطار المنوه عنه ـ وبناءً على هذا التفويض حدد وزير الداخلية الأجزاء الجوهرية للمركبة بأنها: القاعدة , والمحرك, وجسم المركبة, كما نظَّم شروط ونقل ملكية هذه الأجزاء إلى المركبة المرخص بها لصاحب الشأن ـ المشرع لم يحظر على صاحب المركبة تغيير أى جزء من أجزائها الجوهرية ولكن ألزمه فقط بإخطار قسم المرور المختص بهذا التغيير، وحدد وقت الإخطار بأنه قبل تسيير المركبة ـ مؤدى ذلك ـ لا يشترط الإخطار مقدمًا وقبل إحداث التغيير فى أجزاء المركبة ذلك أن الإخطار ليس مجرد إجراء شكلى يلتزم المرخص له باستيفائه, ولكنه إجراء جوهرى استهدف به المشرع تمكين الجهة الإدارية من إعمال رقابتها على سلامة المركبة ومدى تأثير الأجزاء التى تم تغييرها على شرطى الأمن والمتانة ذلك أن صلاحية السيارة للسير فى الطريق العام هو شرط ابتداء واستمرار, وبالتالى لا يتأتى لجهة الإدارة مباشرة هذه الرقابة بالفحص الفنى للأجزاء التي يتم تغييرها إلا إذا كان هذا التغيير قد تم بالفعل, أما قبل ذلك فإنه لا معنى لاستلزام الإخطار بالتغيير ـ من ثَمَّ كان المعول عليه فى هذا الصدد هو وقت التسيير وليس وقت التغيير ـ تطبيق.
فى يوم الأحد الموافق 23/4/2000 أودع الأستاذ/ عبد الكريم عبد المنعم شاش المحامى بصفته وكيلاً عن الطاعن, قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن ـ قيد برقم 5648 لسنة 46ق. عليا ـ فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى بالإسماعيلية/الدائرة الثانية فى الدعوى رقم 5298 لسنة 1ق بجلسة 26/2/2000 والقاضى فى منطوقه “بقبول الدعوى شكلاً, وبرفضها موضوعا وألزمت المدعى المصروفات”. وطلب الطاعن ـ للأسباب الواردة بتقرير الطعن ـ الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه, والقضاء مجدداً بإلزام المطعون ضدهم بصفاتهم بأن يؤدوا له مبلغ ثلاثين ألف جنيه تعويضاً له عن الأضرار التى أصابته مع إلزامهم بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن درجتى التقاضى.
وجرى إعلان الطعن إلى المطعون ضدهم على النحو المبين بالأوراق .
وقدمت هيئة مفوضى الدولة تقريراً مسبباً برأيها القانونى فى الطعن ارتأت فيه الحكم بقبوله شكلاً ورفضه موضوعاً وإلزام الطاعن المصروفات.
وعين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 19/11/2001, وتدوول الطعن بتلك الجلسة وما تلاها من جلسات, وبجلسة 7/1/2002 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الأولى ـ موضوع) لنظره بجلسة 9/2/2002, ونظرت المحكمة الطعن على الوجه الثابت بمحاضر الجلسات, وبجلسة 30/3/2002 قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة 26/8/2002 مع التصريح بتقديم مذكرات فى شهر, وخلال الأجل المضروب أودعت هيئة قضايا الدولة مذكرة دفاع طلبت فى ختامها الحكم برفض الطعن وإلزام الطاعن المصروفات.
وبهذه الجلسة صدر هذا الحكم، وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر النزاع تخلص ـ حسبما يبين من الأوراق ـ فى أنه بتاريخ 17/7/1994 أقام الطاعن الدعوى رقم 1717 لسنة 16 ق أمام محكمة القضاء الإدارى بالمنصورة، طالبًا الحكم بوقف تنفيذ ثم إلغاء القرار الصادر بإلغاء رخصة السيارة 157 ملاكى الشرقية, مع ما يترتب على ذلك من آثار أهمها إعادة سريان الترخيص وتسليمه لوحاتها المعدنية وإلزام المدعى عليهم بالمصروفات.
وقال شرحا لدعواه: إنه يمتلك السيارة رقم 157 ملاكى الشرقية ماركة مرسيدس موديل 1981 سارية الترخيص حتى 21/8/1994 ونظراً لتقادم هيكل السيارة وسريان الصدأ فيه (البارومة) فقد قرر تجديدها وقام بشراء بعض الأجزاء من المنطقة الحرة ببورسعيد بموجب فواتير معتمدة, وأثناء توقف السيارة للتجديد بإحدى الورش خلال سريان الترخيص, فوجئ بتحرير المحضر رقم 1414 لسنة 1994 إدارى قسم شرطة بندر الزقازيق ظناً من محرر المحضر أن الأجزاء المشتراه لتجديد السيارة قد تكون متحصلة من جريمة سرقة أو تهرب جمركى, وتم نقل السيارة إلى قسم الشرطة المختص على ذمة المحضر المذكور. كما تم التحقيق فى المحضر بمعرفة النيابة العامة التى اتهمته بالتزوير وبمخالفة المادة 17 من قانون المرور بعدم الإخطار بالتجديد, وبعد معاينة السيارة من قِبل المهندسين الذين انتدبتهم النيابة ثبت أنه لم يرتكب جريمة من أى نوع, وبناءً عليه قررت النيابة بتاريخ 28/6/1994 استبعاد شبهة الجناية من الأوراق وحفظ المحضر إداريًا وتسليم السيارة لمالكها, إلا أنه مع ذلك أصدر مدير مرور الشرقية قراره المطعون فيه بإلغاء ترخيص السيارة وسحب لوحاتها المعدنية, وذلك بدعوى مخالفة المادة 17 من قانون المرور.
ونعى المدعى على القرار المذكور مخالفته لأحكام قانون المرور رقم 66 لسنة 1973 ولائحته التنفيذية, على أساس أن المقطوع به من المحضر رقم 1414 لسنة 1994 أن السيارة كانت موجودة أثناء تحرير المحضر بإحدى الورش للتجديد ثم نُقلت من هذه الورشة إلى قسم الشرطة المختص ولم تخرج منه إلا بقرار النيابة العامة بتسليمها لمالكها بعد عرضها على المرور وقد تم فحصها بناءً على طلب النيابة وهى لا تزال فى التجديد وثبت من الفحص أن اللحامات الموجودة بها لحامات فنية ولم يعترض مهندس المرور الذى قام بالفحص على أى تعديل فيها, وأنه منذ قرار النيابة العامة بألاَّ وجه لإقامة الدعوى وحتى تاريخ صدور القرار المطعون فيه لم يتم أى فحص فنى للسيارة لبيان ما إذا كانت مخالفة للمادة 17 من عدمه, إلى جانب أن السيارة لم يتم تسييرها مطلقًا قبل الفحص الفنى, وأن القانون لم يشترط أن يتم الإخطار بالتغيير فى أجزاء السيارة قبل إجرائه, فضلاً عن أن النيابة العامة قررت حفظ المحضر إدارياً بعد أن ثبت لها أن الادعاء الموجه إليه لا يمثل أية جريمة, وخلص المدعى فى ختام صحيفة دعواه إلى طلباته سالفة البيان.
وإبان تداول الدعوى أمام محكمة القضاء الإدارى بالمنصورة, قام المدعى بتعديل طلباته فى الدعوى بموجب صحيفة معلنة إلى المدعى عليهم طلب فى ختامها الحكم بإلزامهم بأن يؤدوا له مبلغ ثلاثين ألف جنيه مصرى تعويضاً عن الأضرار التى أصابته من جراء فعلهم مع إلزامهم المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
وإذ تقرر إنشاء دائرة جديدة لمحكمة القضاء الإدارى بالإسماعيلية فقد أحيلت إليها الدعوى المذكورة للاختصاص وقيدت بجدولها العام برقم 5298 لسنة 1ق.
وبجلسة 26/2/2000 أصدرت محكمة القضاء الإدارى بالإسماعيلية حكمها المطعون فيه برفض الدعوى وإلزام المدعى بمصروفاتها, وشيدت المحكمة قضاءها على أن الثابت من الأوراق أنه تم ضبط السيارة محل الدعوى فى المحضر رقم 1414 لسنة 1994 إدارى قسم ثان الزقازيق, وبفحص ومعاينة السيارة بمعرفة لجنة فنية قررت اللجنة أن السيارة مجمعة من سيارة أخرى لوجود لحام بالجزء الأوسط ولحام دائرى حول القطعة الحاملة لرقم الشاسيه وأن الموتور الموجود بالسيارة ليس هو الموتور المثبت بالملف الخاص بها ومن ثَمَّ يكون المدعى قد غيَّر فى الأجزاء الجوهرية للسيارة دون إخطار قسم المرور المختص, ويكون قرار الجهة الإدارية بسحب اللوحات المعدنية وإلغاء ترخيص السيارة لحين الانتهاء من إجراءات الفحص الفنى وفقًا لأحكام المادتين 241 و 242 من اللائحة التنفيذية لقانون المرور, قد صدر متفقاً وصحيح حكم القانون، الأمر الذى ينتفى معه الخطأ فى جانب جهة الإدارة مما يتعين معه الالتفات عن بحث باقى أركان المسئولية والقضاء برفض الدعوى, ولا ينال من ذلك ما ذكره المدعى من أن توقف السيارة للتجديد بتغيير بعض أجزائها كان خلال فترة سريان الترخيص, لأن الالتزام بإخطار قسم المرور المختص بتغيير أى جزء جوهرى فى السيارة لا يرتبط بسريان الترخيص من عدمه, كما لا يغير من ذلك استناد المدعى إلى صرف ترخيص السيارة بذات اللوحات المسحوبة كدليل على قيام الخطأ الموجب لمسئولية الجهة الإدارية, لأن صرف الترخيص بذات اللوحات تم بعد الانتهاء من إجراءات الفحص ودمغ وترقيم الأجزاء المضافة للسيارة.
بيد أن المدعى (الطاعن) لم يرتض قضاء المحكمة سالف الذكر فأقام طعنه الماثل ينعى فيه على حكمها مخالفته للقانون وللثابت من مفردات الدعوى, وذلك على سند من القول بأن المادة 17 من قانون المرور رقم 66 لسنة 1973 لم تستلزم الإخطار بالتغيير فى أجزاء السيارة قبل تنفيذه وإنما استلزمته قبل تسيير المركبة, والثابت يقيناً من الأوراق أن السيارة توقفت للتجديد أثناء سريان الترخيص وضُبطت بالورشة التي تجدد بها فى 1/5/1994 ولم يدَّع أحد مطلقاً أنها ضُبطت تسير أو أنها سُيّرت قبل تقديمها للفحص الفنى بعد التجديد, وأن سبب الضبط يرجع ـ كما قال محرر المحضر ـ إلى أنها من متحصلات جريمة سرقة أو تهريب جمركى, ولم يدَّع مخالفتها للمادة 17 من قانون المرور, وقد أقر صاحب الورشة التى وجدت بها السيارة أنها تخص الطاعن وأنه يتم تجديدها بسبب البارومة بأجزاء تم شراؤها من بورسعيد بفواتير معتمدة, إلى جانب أن السيارة حجزت بقسم المرور منذ بداية المحضر فى 1/5/1994 وحتى صدور قرار النيابة فى 28/6/1994 بحفظ المحضر وتسليم السيارة له, وقد صدر قرار إلغاء الترخيص بعد ذلك فى 29/6/1994 والسيارة ما زالت فى حوزة المرور ورغم أنه تقدم بطلب لفحصها, ثم صدر قرار فى 23/11/1994 بتجديد الترخيص وتسليم اللوحات المعدنية له رغم أنه لم يَجدّْ أى جديد, الأمر الذى يقطع بأن تصرفات المطعون ضدهم تجاهه كانت متعجلة ومخالفة للقانون مما ألحق به أشد الضرر الذى يستحق عنه التعويض.
ومن حيث إنه يشترط لقيام مسئولية الجهة الإدارية عن التعويض عن قراراتها الإدارية تحقق عناصر المسئولية التقصيرية المتمثلة فى الخطأ والضرر وعلاقة السببية بينهما, وذلك بأن يثبت أن القرار المطلوب التعويض عنه غير مشروع نتيجة لعيب من العيوب المنصوص عليها فى قانون مجلس الدولة وهى مخالفة القانون أو الخطأ فى تطبيقه أو تأويله أو إساءة استعمال السلطة أو الانحراف بها, وأن يحيق بصاحب الشأن ضرر وأن تقوم علاقة السببية بين خطأ الإدارة والضرر الذى لحق بالمضرور.
ومن حيث إنه عن ركن الخطأ: فإن المادة (2) من قانون المرور الصادر بالقانون رقم 66 لسنة 1973 تنص على أنه “مع عدم الإخلال بأحكام الاتفاقيات الدولية النافذة فــى البلاد, لا يجوز بغير ترخيص من قسم المرور المختص تسيير أية مركبة فى الطريق العام ……” .
كما تنص المادة (11) من القانون المذكور على أنه “يشترط للترخيص بتسيير المركبة ما يأتى: ….3 ـ استيفاء المركبة لشروط المتانة والأمن التي يحددها وزير الداخلية بقرار منه …”. وتنص المادة (17) من القانون ذاته على أنه “على المرخص له إخطار قسم المرور المختص بكل تغيير فى أجزاء المركبة الجوهرية, وعليه كذلك الإخطار بكل تغيير جوهرى فى وجوه استعمال المركبة أو وصفها بما يجعلها غير مطابقة للبيانات المدونة بالرخصة, ويكون الإخطار فى الحالتين قبل تسيير المركبة, ويحدد وزير الداخلية بقرار منه ما يُعتبر من الأجزاء الجوهرية كما يحدد التغييرات الموجبة للإخطار. وتقدم المركبة للفحص الفني لقسم المرور المختص أو أى قسم مرور آخر خلال أسبوع من اليوم التالى للإخطار، ويعتبر تقديم المركبة للفحص الفنى إخطاراً بالتغيير إذا تضمَّنه طلب الفحص الفني المقدم من المرخص له, ولا يجوز تسيير المركبة قبل تمام الفحص الفنى. وفى حالة مخالفة أحكام هذه المادة تعتبر الرخصة ملغاة من تاريخ وقوع المخالفة” .
كما تنص المادة 227 من اللائحة التنفيذية لقانون المرور الصادرة بقرار وزير الداخلية رقم 291 لسنة 1974 والمعدلة بالقرار الوزاري رقم 5330 لسنة 1994 على أن “أجزاء المركبة الجوهرية فى حكم المادة (17) من القانون, هى القاعدة والمحرك وجسم المركبة …” .
وتنص المادة 228 من اللائحة المذكورة على أنه “عند تغيير أحد أجزاء المركبة الجوهرية يجب تقديم سند انتقال ملكيته إلى مالك المركبة…… فإذا كان هذا الجزء جديداً وجب تقديم شهادة المصنع الذى قام بتصنيعه فى البلاد أو شهادة الإفراج الجمركى إذا كان مستورداً, أما إذا كان مستعملاً: فإن كان مستورداً وجب تقديم شهادة الإفراج الجمركى, فإن لم يكن مستورداً فيجب بيان المركبة الأصلية التي أخذ منها …..”
ومن حيث إن مفاد هذه النصوص أن المشرع فى قانون المرور رقم 66 لسنة 1973 ـ حرصا منه على حماية الأرواح والممتلكات ـ نظم إجراءات تسيير المركبات فى الطريق العام, فحظر بغير ترخيص من قسم المرور المختص تسيير المركبة فى هذا الطريق واشترط لإصدار الترخيص عدة شروط أهمها استيفاء اشتراطات الأمن والمتانة التى تحدد بقرار من وزير الداخلية, كما أوجب على المرخص له الذى يرغب فى تغيير الأجزاء الجوهرية للمركبة
أو أوجه استعمالها أو وصفها أن يخطر قسم المرور المختص بذلك لإجراء الفحص الفنى على المركبة, واعتبر المشرع بمثابة إخطار أن يكون طلب الفحص الفنى المقدم من المرخص له قد تضمن هذا التغيير, وقد فوَّض المشرع وزير الداخلية تحديد الأجزاء والتغييرات الجوهرية الموجبة للإخطار المنوه عنه, وبناءً على هذا التفويض حدد وزير الداخلية بموجب المادة 227 من اللائحة التنفيذية للقانون المذكور الأجزاء الجوهرية للمركبة بأنها: القاعدة , و المحرك, وجسم المركبة, كما نظمت بموجب المادة 228 من تلك اللائحة شروط نقل ملكية هذه الأجزاء إلى المركبة المرخص بها لصاحب الشأن.
ومن حيث أنه يستفاد من ذلك, أن المشرع لم يحظر على صاحب المركبة تغيير أي جزء من أجزائها الجوهرية ولكن ألزمه بإخطار قسم المرور المختص بهذا التغيير وحدد وقت الإخطار بأنه “قبل تسيير المركبة” بما مؤداه أنه لا يشترط الإخطار مقدمًا وقبل إحداث التغيير فى أجزاء المركبة, ذلك أن الإخطار ليس مجرد إجراء شكلى يلتزم المرخص له باستيفائه, ولكنه إجراء جوهرى استهدف به المشرع تمكين الجهة الإدارية من إعمال رقابتها على سلامة المركبة ومدى تأثير الأجزاء التى تم تغييرها على شرطى الأمن والمتانة, بحسبان أن صلاحية السيارة للسير فى الطريق العام هو شرط ابتداء واستمرار وبالتالى لا يتأتى لجهة الإدارة مباشرة هذه الرقابة بالفحص الفنى للأجزاء التى تم تغييرها إلا إذا كان هذا التغيير قد تم بالفعل, أما قبل ذلك فإنه لا معنى لاستلزام الإخطار بالتغيير ومن ثَمَّ كان المعول عليه فى هذا الصدد هو وقت التسيير وليس وقت التغيير.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن السيارة المملوكة للطاعن والتى تحمل رقم 157 ملاكى الشرقية ماركة مرسيدس موديل 1981, قد حرر لها محضر الضبط رقم 1414 بتاريخ 1/5/1994 إدارى قسم شرطة ثان بندر الزقازيق, على أساس أن الأجزاء المركبة بها قد تكون متحصلة من جريمة سرقة أو تهرب جمركى, وذلك فى الوقت الذى كانت فيه هذه السيارة موجودة بإحدى الورش للتجديد ولاستبدال بعض أجزائها الجوهرية ـ ومنها المحرك ـ بأخرى مشتراة من بورسعيد بموجب فواتير معتمدة ـ حسبما ذكر الطاعن ولم تعقب عليه جهة الإدارة ـ وأنه بناءً على هذا المحضر نقلت السيارة إلى قسم المرور المختص بحالتها, ثم أجرى تحقيق فى الواقعة بمعرفة النيابة العامة خلصت فيه النيابة إلى حفظ المحضر لعدم الأهمية وأمرت بتسليم السيارة لمالكها وذلك بتاريخ 28/6/1994, إلا أنه بتاريخ 29/6/1994 وفى اليوم التالى لقرار النيابة بالحفظ أصدر مدير إدارة مرور الشرقية قراره المطعون فيه بإلغاء ترخيص السيارة وسحب لوحاتها المعدنية بمقولة مخالفة الطاعن للمادة 17 من قانون المرور, بعدم إخطاره قسم المرور بالتغيير الذى أدخله على أجزاء المركبة الجوهرية.
ومن حيث إن الأوراق قد خلت مما يفيد أن الطاعن قام بتسيير السيارة محل الطعن فى الطريق العام قبل إجراء الفحص الفنى لها من جانب قسم المرور, وكان هذا التسيير هو المعول عليه فى إلغاء رخصة السيارة وسحب لوحاتها المعدنية عند عدم إخطار المرخص له قسم المرور المختص بالتعديلات التى أدخلها على الأجزاء الجوهرية للسيارة طبقًا لأحكام المادة (17) من قانون المرور على ما سبق بيانه, ومن ثَمَّ وإذ أصدرت جهة الإدارة قرارها المطعون فيه بتطبيق الجزاء المشار إليه على الطاعن اعتماداً على أنه لم يقم بالإخطار عن التغييرات التى أدخلها على السيارة, وذلك دون النظر أو التحقق من واقعة قيامه بتسيير السيارة قبل الضبط أو الفحص الفنى لها , بحسبان أن عدم الإخطار لا يبرر إلغاء الترخيص إلا عند ثبوت هذه الواقعة, فإن القرار المذكور يكون قد صدر فاقدًا لركن أساسى من أركانه هو ركن السبب المبرر له قانونًا, الأمر الذى يجعله مشوبًا بالبطلان ومخالفًا لأحكام القانون.
ومن حيث إنه متى كان ذلك, فإن الخطأ فى جانب الجهة الإدارية المطعون ضدها يضحى متحققًا بإصدارها للقرار المطعون فيه, وإذ ترتب على هذا الخطأ إلحاق ضرر مادى بالطاعن تمثل فى حرمانه من الانتفاع بسيارته وفى تكبده لنفقات ومشقة التقاضى وكذلك إلحاق ضرر أدبى به نتيجة شعوره بالظلم والتعسف, ومن ثَمَّ فإن عناصر المسئولية المدنية تكون قد توافرت فى جانب الجهة الإدارية, مما يستنهض قيام مسئوليتها عن تعويض الطاعن عن الأضرار التى لحقت به من جراء تصرفها غير المشروع.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد ذهب غير هذا المذهب وقضى برفض الدعوى لأسباب مناظرة لتلك التى تذرعت بها جهة الإدارة دون تمحيص دقيق لوقائع الدعوى وتطبيق صحيح حكم القانون عليها, فإنه بذلك يكون قد أخفق فى قضائه وحق بذلك نقضه والقضاء مجدداً بقبول الدعوى شكلاً وبأحقية الطاعن فى التعويض المناسب عن الأضرار التى لحقت به والذى تقدره المحكمة بمبلغ ثلاثة آلاف جنيه.
ولا ينال من ذلك ما جاء بتقرير اللجنة الفنية التى قامت بفحص السيارة بناءً على طلب النيابة العامة, من أن السيارة مجمعة من سيارة أخرى لوجود لحامات فى المنطقة الحاملة لرقم الشاسيه وفى الجزء الأوسط من السيارة, وأن الموتور الموجود بالسيارة ليس هو المثبت بالملف الخاص بها , وذلك أنه ما دام لم يثبت من التحقيقات التى أجرتها النيابة العامة أن الأجزاء المستبدلة من السيارة قد نقلت إليها بطرق غير مشروعة, وطالما لم يتأكد من الفحص الفنى للسيارة أن تركيب هذه الأجزاء بها قد شابه عيب يؤثر فى أمن ومتانة السيارة, فإنه لا يجوز لجهة الإدارة أن ترتب على هذا التعديل فى أجزاء السيارة أى أثر قانونى, وإلاَّ تعارض ذلك مع قرار النيابة بحفظ الواقعة, فضلاً عن إهدار حق الطاعن فى إجراء عمل أباحه له القانون دون سند أو مبرر قانونى.
ومن حيث إن من خسر الطعن يلزم بمصروفاته عملاً بحكم المادة (184) من قانون المرافعات.
حكمت المحكمة
بقبول الطعن شكلاً، وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء بقبول الدعوى شكلاً وبإلزام الجهة الإدارية المطعون ضدها بأداء مبلغ ثلاثة آلاف جنيه إلى الطاعن تعويضا له عن الأضرار التى أصابته من جراء إلغاء ترخيص السيارة رقم 157 ملاكى الشرقية وسحب لوحاتها المعدنية, وألزمتها المصروفات عن درجتى التقاضى.