جلسة 14 من مايو سنة 2005م
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ السيد محمد السيد الطحان
نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ أحمد عبد العزيز إبراهيم أبو العزم، وحسن سلامة أحمد محمود، وأحمد عبد الحميد حسن عبود، ومحمد أحمد محمود محمد.
نواب رئيس مجلس الدولة
وبحضور السيد الأستاذ المستشار/ رضا محمد عثمان
مفوض الدولة
وحضور السيد/ كمال نجيب مرسيس
سكرتير المحكمة
الطعن رقم 3118 لسنة 49 قضائية عليا:
عاملون مدنيون بالدولة ــ تأديب ــ التحقيق مع العامل ــ ضماناته.
مقتضى الأساس الدستورى لقاعدة أن المتهم برىء حتى تثبت إدانته يستلزم إجراء تحقيق قانونى صحيح من حيث الإجراءات والمحل والغاية يستند على نتيجة قرار الاتهام ــ يشترط لسلامة التحقيق مع العامل المحال للمحاكمة التأديبية أن تتوافر ضمانات التحقيق التى أوجبها المشرع ومن أهمها أن تتوافر الحيدة التامة فيمن يقوم بالتحقيق وتمكين العامل من اتخاذ كل ما يلزم لتحقيق أوجه دفاعه ــ قيام مقدم الشكوى بالتحقيق مع المشكو فى حقه يفسد التحقيق، مما يؤدى إلى بطلان التحقيق والقرار الذى قام عليه ــ تطبيق.
فى يوم الأربعاء الموافق 15/1/2003 أودع الأستاذ/ أبو سريع محمد حسن ــ المحامى بالنقض، نائباً عن الأستاذ/ عبد العزيز سالم ــ المحامى بالنقض، بصفته وكيلاً عن الطاعنة، قلم كتاب هذه المحكمة، تقرير طعن، قيد بجدولها بالرقم عاليه، فى القرار الصادر من مجلس تأديب أعضاء السلك الدبلوماسى بوزارة الخارجية بجلسة 18/11/2002 فيما تضمنه من مجازاة الطاعنة بعقوبة اللوم.
وطلب الطاعن ــ للأسباب الواردة فى تقرير الطعن ــ تحديد أقرب جلسة أمام دائرة فحص الطعون لتأمر بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه، وبإحالة الطعن إلى دائرة الموضوع بالمحكمة الإدارية العليا، لتقضى بقبوله شكلاً، وفى الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه، والحكم مجددًا ببراءة الطاعنة مما أسند إليها.
وجرى إعلان الطعن على النحو المبين بالأوراق، وأودعت هيئة مفوضى الدولة تقريراً مسبباً فى الطعن، ارتأت فيه وقف الطعن الماثل وقفًا تعليقياً، بنص المادة (129) مرافعات لحين صدور حكم فى الدعوى رقم 3023 لسنة 2001مدنى كلى شمال القاهرة.
وعينت جلسة 12/7/2004 لنظر الطعن أمام الدائرة الخامسة (فحص طعون)، وبها قررت إحالته إلى الدائرة الأولى «فحص» لسبق إصدار حكم من الدائرة الخامسة فى موضوع مرتبط، وقد نظرته الدائرة الأولى فحص بجلسة 20/12/2004، وبجلسة 17/1/2005 قررت إحالته إلى هذه الدائرة لنظره بجلسة 12/2/2005 حيث نظرته، وفيها تقرر صدور الحكم بجلسة اليوم، مع التصريح بمذكرات فى شهر.
وبجلسة اليوم، صدر الحكم، وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، والمداولة قانوناً.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تخلص ــ حسبما يبين من الأوراق ــ فى أنه بتاريخ 16/10/2001 كان قد صدر قرار وزير الخارجية رقم 3402بإحالة الوزير مفوض/ ………………………. (الطاعنة) إلى مجلس تأديب أعضاء السلك الدبلوماسى بالوزارة لمحاكمتها تأديبياً عما نُسب إليها فى المخالفات الآتية:
(1) اتهامها مساعد الوزير المختص السفير/ ……………………. فى مذكرتها رقم 159 فى 5/3/2000 المعروضة على الوزير بالتأخير فى إبداء الرأى بشأن قبول دعوة المجلس الأطلنطى المجرى فى مارس 2003 باستخدامها لأسلوب تهكمى وألفاظ لا يمكن استخدامها فى مذكرة مرفوعة للسيد الوزير فى تجاوز صريح وغير مسبوق لكل الأعراف والقواعد المعمول بها فى لغة التخاطب بوزارة الخارجية.
(2) توجيهها للمذكرة رقم 265 فى 12/12/2000 إلى السفير/ …………………..، وزير الخارجية ــ المشرف على قطاعها، تضمنت أسلوبًا غير لائق فى التخاطب، واتهمته بالتحايل وعدم ذكر الحقيقة فى عرضه على السيد الوزير، وأنه عالج بطريقة مشبوهة موضوع ترشيحات بعض السادة الدبلوماسيين للمشاركة فى ندوة “أسبين” ببرلين بهدف منافع شخصية، والدفع بمرشحين من مكتبه دون الانتباه إلى أن المرشح من مكتبها.
(3) تجاوزها فى التخاطب مع زملائها ورؤسائها،وهو الأمر الذى تأكد من خلال المسلك الذى بدت به أمام مجلس السلك الدبلوماسى والقنصلى، حيث كانت تلجأ إلى مقاطعة رئيس وأعضاء المجلس، وتطرق على المنضدة بعصبية، وتلوح بانحياز المجلس ضدها.
(4) عدم لياقة أسلوب تعاملها مع رؤسائها، حيث دأبت على عدم احترام القواعد المرعية للتدرج الوظيفى، والخلط بين الأمور الشخصية والموضوعية، والتمرد على القواعد والأصول المرعية.
(5) مخاطبة جهات خارج وزارة الخارجية بمذكرة تضمنت اتهاماً للمساعد للشئون الأوروبية (رئيسها المباشر) بأنه يعرب عن توجهات تخالف جذريًا المنهج الوطنى الذى تم اعتماده وتنفيذه بالفعل، وأن العراقيل التى وضعها أمام عمل نقطة الاتصال السرية قد أسفرت عن نتائج سلبية، مما يعد تجاوزًا صريحًا لأسلوب العمل والتخاطب إلى وزارة الخارجية، وهو ما يعتبر خروجًا على مقتضيات الواجب الوظيفى.
(6) التطاول والتشهير والإساءة إلى رؤسائها فى العمل بتوجيهها عددًا من المذكرات المحررة إلى الأجهزة الرئاسية بالوزارة خلال توليها منصب نائب مساعد الوزير لشئون المنظمات والترتيبات الأمنية والاستراتيجية فى أوروبا، والتى حوت العديد من عبارات التطاول والتشهير والإساءة إلى رؤسائها فى العمل ومن ذلك ما يلى:
(أ) مذكرة رقم 865 بتاريخ 12/12/2001والتى تضمنت اتهام السفير/ ………………….، مساعد الوزير للشئون الأوروبية، بأنه «ينفذ سيناريو تمرير الترشيحات التى يريدها بصفة شخصية»، وهو اتهام لرئيسها المباشر فى العمل بعدم النزاهة أو الحياد بما يمثل إساءة إليه وتشهيرًا به، وكذلك الإشارة إلى أن ردود السفير مساعد الوزير للشئون الأوروبية على مذكراتها بأنها «لا تستحق الرد بقدر ما تستحق الرثاء والأسى» وهو ما يمثل تهكماً واضحًا وتحقيراً لرأى الرئيس المباشر، وأيضًا ما أوردته عن «اكتمال حلقات المؤامرة»؛ الأمر الذى يعتبر بمثابة اتهام لرئيسها المباشر، وكذلك اتهامها لمساعد الوزير للشئون الأوروبية «بعدم مراعاة العرض الدقيق وعدم الأمانة واتباع طرق مشبوهة، والسعى لتحقيق مآرب شخصية لا تمتُّ لصالح العمل بأية صلة»، وهو ما يمثل إساءة وتطاولاً على الرؤساء يرقى إلى مرتبة القذف.
(ب) رسالة محررة بخط اليد إلى السيد/ ………………… وزير الخارجية السابق تضمنت وصف السفير/ ………………… مساعد وزير الخارجية ومدير السلك الدبلوماسى والقنصلى والتفتيش بأنه «رأس الأفعى» وهو إساءة وقذف صريحان فى حق أحد الرؤساء.
(ج) رسالة محررة بخط اليد إلى السيد/ وزير الخارجية السابق بتاريخ 2/4/2001 اتهمت فيها السفير/ ………………… بالابتزاز وعدم الحياد، وبأنها ليست المرة الأولى التى يمارس فيها “هذا الأسلوب الرخيص من الابتزاز المرفوض والبلطجة”، وكذلك وصفها له بأنه يمارس” الابتزاز المتلون المرفوض ولتحقيق أغراض نفسية مريضة”.
وبجلسة 18/11/2002 أصدر مجلس التأديب قراره المطعون فيه تأسيساً على أن «المحالة قد تنكبت السبيل السوى فى التخاطب مع الرؤساء والزملاء، وتجاوزت حدود السلوك المألوف والدارج فى التعامل معهم، وانساقت تكيل الاتهامات لهم فى عبارات خارجة ودخيلة، على المناخ العام الدبلوماسى، فضلاً عما انطوت عليه من قذف فى حق هؤلاء بصورة جهرية وصارخة وإمعان فى الإساءة إليهم والتشهير بهم، وهو ما يأباه السلوك القويم الذى يتعين أن يتصف به الدبلوماسى فى تعامله وتخاطبه، خاصة مع رؤسائه وزملائه فى العمل، وبذلك تكون المحالة قد ضلت سبيلها وأخطأت هدفًا وارتكبت ذنباً وخطأ يستوجب مجازاتها تأديبياً».
ومن حيث إن مبنى الطعن الماثل أن التحقيقات التى بنى عليها القرار المطعون فيه قد شابها البطلان، ومن ذلك أن التحقيق الذى أجرى بتاريخ 28/8/2001 تضمّن فى صدره أن تشكيل لجنة التحقيق يضم الأمانة الفنية المشكّلة من الوزير المفوض/ ………………………….. والمستشار/ ……………………………………..، وقد خلا التحقيق من توقيعهما على صفحاته، فضلاً، عن أن قرار الإحالة إلى التحقيق سند قرار الإحالة إلى مجلس التأديب شَابَه البطلان، وذلك لاستناده إلى عبارات عامة فضفاضة (تجاوزات وظيفية) ليس من شأنها أن تقيم وصفاً محددًا لواقعة بعينها، كما أن قرار تشكيل لجنة التحقيق تضمَّن ــ أيضًا ــ تعيين …………………… رئيسًا للجنة التحقيق، والسفيرين/ ………………. و………………. عضوين باللجنة رغم سبق إدلائهما برأى معاد فى جلستى مجلس السلك للاستماع وتكوين عقيدة مسبقة بإدانتها وقبل التحقيق معها مما يفقدهما الحيدة كشرط للصلاحية لمباشرة أعمال التحقيق القضائي، كما أن قرار الإحالة إلى مجلس التأديب شَابَه البطلان لمخالفته المادة (65) من القانون رقم 45 لسنة 1982 فيما أوجبته من إبلاغ العضو المحال إلى التأديب بقرار الإحالة وبتاريخ الجلسة فى موعد أقصاه ستون يومًا من تاريخ قرار الإحالة، والثابت أن المحالة لم تبلغ بهذا القرار الصادر فى 16/10/2001، كما لم تبلغ بتوصية مجلس السلك بجلسته رقم 72 فى 8/10/2001 إلا بتاريخ 28/11/2001، وذلك بتسليمها القرار باليد وليس بخطاب موصى عليه مصحوب بعلم الوصول، كما استند قرار الإحالة إلى مجلس التأديب إلى توصية مجلس السلك بجلسته رقم 50 فى 30/7/2002، وجلسته رقم 72 فى 8/10/2001 لبطلان تشكيل هذين المجلسين لضمهما بين أعضائهما السفيرين ……………….. و…………………… ، واشتراكهما فى المناقشات بما يؤثر على حيدة المجلس فى إصدار توصيته ورغم كونهما من خصمى المحالة، وذلك بالمخالفة للمادة (18) من القانون رقم 45 لسنة 1982 والتى تحظر على أعضاء المجلس الحضور والمناقشة فى المسائل التى تخص أحدهم، كما شاب قرار الإحالة إلى مجلس التأديب البطلان لاستناده إلى توصية مجلس السلك بجلسته رقم50 بتاريخ 30/7/2001بإحالة الطاعنة إلى المحكمة التأديبية، فى حين أن حقيقة التوصية هو إحالتها إلى التحقيق. يضاف إلى ما تقدم أن التحقيق المؤرخ فى 28/8/2001 شَابَه التزوير وذلك على التفصيل الوارد بتقرير الطعن، والذى تحيل إليه هذه المحكمة تفادياً للتكرار، بالإضافة إلى أن القرار المطعون فيه خالف القانون من عدة أوجه، أولها: أن الطاعنة وقعت عليها عدة عقوبات سابقة على القرار المطعون فيه تمثلت فى وقفها عن العمل لمدة ثلاثة أشهر بالقرار الوزارى رقم 2560 فى 9/8/2001لمصلحة التحقيق فيما هو منسوب إليها من تجاوزات، فضلاً عن تنزيلها من وظيفتها كنائب مساعد وزير الخارجية للشئون الإدارية وشئون المنظمات إلى وظيفة نائب مدير إدارة المعلومات… كما رفع اسمها من قائمة المستبقين بالديوان العام وحرمانها من مخصصات الوظيفة المنقولة منها، وكذلك حرمانها من الترقية لوظيفة سفير أو رئيس بعثة فى الخارج وكان ذلك محلاً للطعن عليه بالدعوى رقم 6700 لسنة 56ق لإلغاء قرار تخطيها فى الترقية لوظيفة سفير، كما أن الجزاء الموقع على الطاعنة استند إلى مجرد جلسات استماع دون أن يتم إجراء تحقيق كتابى فى جميع ما نُسب إلى الطاعنة بالمخالفة للمادة (59) من القانون رقم
45 لسنة 1982، كما أغفل القرار تدوين عبارة باسم الشعب بالمخالفة للمادة (72) من الدستور. كما خالف القرار الثابت بالأوراق، وفساده فى الاستدلال وقصوره فى التسبيب على النحو الموضح بتقرير الطعن والذى تشير إليه المحكمة تفادياً للتكرار.
ومن حيث إنه من المستقر عليه فى قضاء هذه المحكمة أنه من مقتضى الأساس الدستورى لقاعدة أن المتهم برىء حتى تثبت إدانته أنه يلزم حتمًا إجراء تحقيق قانونى صحيح، سواء من حيث الإجراءات، أو المحل، أو الغاية، لكى يمكن أن يستند على نتيجته قرار الاتهام شاملاً الأركان السابقة، وأن تلك القاعدة العامة التى تستند إليها شرعية الجزاء هى الواجبة الاتباع، سواء تم توقيع الجزاء إدارياً من السلطة التأديبية الرئاسية بواسطة الرئيس الإدارى، أو تم توقيعه بواسطة مجلس تأديب مختص، أو تم توقيعه قضائيًا بحكم من المحكمة التأديبية، لأن التحقيق هو وسيلة استبانة الحقيقة فيما يُنسب إلى العامل من اتهام، وبغير أن يكون تحت يد الجهة الإدارية التى تملك توقيع الجزاء التأديبى تحقيق مستكمل الأركان، لا يكون فى مكنتها الفصل على وجه شرعى وقانونى فى الاتهام المنسوب إلى العامل، سواء بالبراءة أو الإدانة، وعليه فإن أى قرار أو حكم بالجزاء يصدر استنادًا إلى غير تحقيق أو استجواب سابق، أو يصدر استنادًا إلى تحقيق ناقص أو غير مستكمل الأركان أو شَابَه عيب يبطله يكون باطلاً. كما جرى قضاء هذه المحكمة ــ أيضًا ــ على أن «إلغاء قرار مجلس التأديب المطعون فيه لابتنائه على تحقيق معيب.. لا يحول دون جهة الإدارة واتخاذ ما تراه فى شأن متابعة المسئولية التأديبية للطاعن فيما نسب إليه من اتهام»؛ لأن حجية الحكم فى هذه الحالة لا تنصرف إلى أن الموظف برىء مما نُسب إليه، كما أنه لا يحول دون إعادة محاكمته الاعتبار المستمد من القاعدة التى تقضى بعدم عقاب المخطئ عن ذنب واحد مرتين، لأن إعمال هذه القاعدة يفترض أن العقوبة الموقعة من قبل السلطة المختصة قائمة ومنتجة لآثارها.
لما كان ذلك وكان الثابت فى يقين المحكمة أن ثمة عيوبًا قانونية شابت الإجراءات التى اتخذتها الجهة الإدارية وهى بصدد التحقيق مع الطاعنة فيما هو منسوب إليها من مخالفات تأديبية، كشف عنها ــ من ناحية ــ تقرير خبير أبحاث التزييف والتزوير بالطب الشرعى بالقاهرة فى تقريره المقدم إلى محكمة شمال القاهرة (دائرة 4 مدنى) فى الدعوى رقم 3023 لسنة 2002مدنى كلى شمال القاهرة، ومن ناحية ثانية قرار تشكيل لجنة التحقيق مع الطاعنة فيما نُسب إليها.
إذ ورد بتقرير الخبير المشار إليه فى صفحاته الخمس أن ثمة تعديلات وإضافات (أورد بيانها تفصيلاً بالتقرير) أدخلت على التحقيق الذى أجرى مع الطاعنة، بعضها فى ظرف كتابى معاصر للظرف الكتابى الذى كُتبت به، وبعضها فى ظرف كتابى لاحق عليه، وبعضها الثالث بقلم جرافيتى يغاير القلم الذى كتبت به جميع عبارات محضر التحقيق (قلم جاف أزرق) وبعضها الرابع بيد كاتب آخر وبمداد جاف أزرق يختلف فى الخواص الضوئية عن المداد المحررة به بقية العبارات، هذا فضلاً عما أورده الخبير فى عَجُزِ تقريره المشار إليه، من أن «التوقيعات المحررة بأسلوب الفرمة الثانية بنهاية السطر الأخير بتلك الصفحة (يقصد ص 25) قد أفرغت فى ظرف كتابى لاحق للظرف الكتابى الذى دونت فيه العبارات المحررة بالمداد السائل الأسود أدنى عبارات المحضر، والتى حررت بخط مختلف فى العديد من الخواص الكتابية عن خط كاتب عبارات المحضر”. كما ثبت للمحكمة من الاطلاع على قرار وزير الخارجية رقم 2581 لسنة 2001 الصادر بتاريخ 11/8/2001 بتشكيل لجنة للتحقيق مع الطاعنة برئاسة السفيرة/ ………………….. ــ مساعد وزير الخارجية للعلاقات الثقافية الدولية وعضوية السادة السفراء ……………………….. و……………………….. و…………………………، وهؤلاء جميعهم كانوا فى الوقت ذاته ضمن أعضاء مجلس السلك الدبلوماسى والقنصلى فى اجتماعيه المعقودين بجلستى 16/7/2001 و21/7/2001 برئاسة السفيرة …………………. بناءً على طلب وزير الخارجية ــ فى ذلك الوقت ــ لمناقشة الطاعنة فيما ورد بشكواها، وهو ذات المجلس الذى أوصى بإحالة الطاعنة إلى التحقيق، وصدر بناءً على توصيته قرار الإحالة المشار إليه مما أفقدهم الحيدة اللازم توافرها فيمن يتولى التحقيق، وهو ما سبق وأكدت عليه المحكمة الإدارية العليا فيما جرى به قضاؤها من أنه «يشترط لسلامة التحقيق مع العامل المحال للمحاكمة التأديبية أن تتوافر ضمانات التحقيق التى أوجبها المشرع ومن أهمها أن تتوافر الحيدة التامة فيمن يقوم بالتحقيق، وتمكين العامل من اتخاذ كل ما يلزم لتحقيق أوجه دفاعه، فقيام مقدم الشكوى بالتحقيق مع المشكو فى حقه يفسد التحقيق ويبطله، مما يؤدى إلى بطلان التحقيق والقرار الذى قام عليه…» والحال فى المنازعة الراهنة أن مجلس السلك الدبلوماسى والقنصلى الذى أوصى بإحالة الطاعنة إلى التحقيق الذى نجم عنه إحالتها إلى مجلس التأديب وتبعًا لذلك القرار المطعون فيه هو ذاته الذى تولى رئيسه وثلاثة من أعضائه مهمة التحقيق معها.
لما كان ذلك وكانت المخالفات التى شابت إجراءات مساءلة الطاعنة نالت ولا ريب من سلامة تلك الإجراءات، وانحدرت بها إلى درك البطلان فأثرت بدورها على قرار مجازاتها المطعون فيه، مما لا سبيل معه إلا إلى إلغائه لبطلان التحقيقات التى استند إليها، وهو ما تقضى به المحكمة، وجهة الإدارة ــ من بعد ــ هى وشأنها فى معاودة التحقيق مع الطاعنة عن الواقعة بإجراءات سليمة وقانونية، ومساءلتها قانوناً إذا ما أسفرت التحقيقات عن وجوب هذه المساءلة على نحو ما سبقت الإشارة إليه.
ومن حيث إن من خسر الطعن يلزم مصروفاته عملاً بحكم المادة (184) مرافعات.
حكمت المحكمة
بقبول الطعن شكلاً، وبإلغاء القرار المطعون فيه، على النحو المشار إليه فى الأسباب، وألزمت الجهة الإدارية المصروفات.