جلسة 24 من أبريل سنة 2005م
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ عادل محمود فرغلى
نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ د. حمدى محمد أمين الوكيل، ومحمد الشيخ على أبو زيد، ود. عبد المنعم أحمد عامر، ود. سمير عبد الملاك منصور
نواب رئيس مجلس الدولة
وبحضور السيد الأستاذ المستشار / أحمد يسرى زين العابدين
مفوض الدولة
وسكرتارية السيد/ خالد عثمان محمد حسن
سكرتير المحكمة
الطعن رقم 3928 لسنة 49 قضائية عليا:
الدفع فى الدعوى ــ دفع الجهة الإدارية بتزوير المستندات المقدمة منها.
الأصل فى مجال المنازعات الإدارية أن الجهة الإدارية هى الملزمة أصلاً بتقديم ما تحت يديها من مستندات وصولاً إلى الحقيقة بحيث يستحيل عليها الادعاء بتزوير المستندات المقدمة منها أو وقوعها فى غش بما تضمنته من بيانات على خلاف الحقيقة وصولاً إلى إلغاء الأحكام التى تصدر فى غير صالحها ــ هذا الأصل لا يمكن الأخذ به على إطلاقه ــ إخلال أحد العاملين بالجهة الإدارية بما يفرضه عليه القانون من واجبات الأمانة والثقة وتقديمه بغير علم المختصين فيها أوراقاً وبيانات مخالفة للحقيقة لتضليل المحكمة تواطؤًا مع الخصوم لتحقيق أهداف شخصية تخرج عن هدف المرفق من تحقيق الصالح العام يخول جهة الإدارة أن تلتمس إعادة النظر فى الحكم الذى صدر بناءً على البيانات المضللة وتقديم المستندات الدالة على البيانات الحقيقية وعلى المحكمة إن استوثقت من صدق المستندات الجديدة، وأن حكمها السابق قد بنى على ضلالة أن تراجع الحق فيه ــ تطبيق.
فى يوم الإثنين الموافق 3/2/2003 أودع الأستاذ/ محمود الطوخى (المحامى) بصفته وكيلاً عن الطاعن قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها برقم 3928 لسنة 49ق فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى ــ دائرة الترقيات بجلسة 22/12/2002 فى التماس إعادة النظر رقم 1504 لسنة 55ق القاضى بقبول الالتماس شكلاً وبإلغاء الحكم الملتمس فيه وبرفض الدعوى رقم 3341 لسنة 53ق وإلزام الملتمس ضده المصروفات.
وطلب الطاعن ــ فى ختام تقرير الطعن، وللأسباب الواردة فيه ــ القضاء أولاً: بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه إلى حين الفصل فى الموضوع. ثانيًا: بإلغاء الحكم المطعون فيه، وأصليًا: بعدم قبول التماس إعادة نظر موضوع ذلك الحكم، واحتياطيًا: برفضه مع إلزام الجامعة المطعون ضدها المصروفات فى كل حال.
وبعد تحضير الطعن قدمت هيئة مفوضى الدولة تقريرًا بالرأى القانونى ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وبإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجددًا بعدم قبول دعوى التماس إعادة النظر رقم 1504 لسنة 55ق وإلزام الجامعة المطعون ضدها المصروفات .
وقد نُظر هذا الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة التى أمرت بجلسة 3/7/2004 بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه وإحالة الطعن إلى هذه المحكمة “الدائرة السابعة ــ موضوع” التى نظرت الطعن على الوجه المبين بمحاضر الجلسات، حيث قررت بجلسة 7/11/2004 إصدار الحكم بجلسة 20/2/2005، ثم قررت مد أجل النطق بالحكم لجلسة اليوم، وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، والمداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى سائر أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن واقعات الطعن تخلص ــ حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن ــ فى أنه بتاريخ 9/1/1999 أقام الطاعن الدعوى رقم 3341 لسنة 53 ق أمام محكمة القضاء الإدارى ــ الدائرة التاسعة ــ بطلب الحكم بإلغاء قرار مجلس جامعة الأزهر بجلسته المنعقدة بتاريخ 2/12/1998 فيما تضمنه من رفض منحه اللقب العلمى أو ترقيته لوظيفة أستاذ بقسم الأمراض الباطنة بكلية طب الأزهر، وما يترتب على ذلك من آثار وفروق مالية، وإلزام الجامعة المصروفات على سند من أن رفض مجلس الجامعة إنما قام على تقرير اللجنة العلمية الدائمة التى ارتأت أن إنتاجه العلمى لايرقى به للتعيين فى وظيفة أستاذ فى القسم المذكور لحصوله على تقدير ضعيف فى البحث السابع من تلك الأبحاث العشرة المقدمة منه وهو بعنوان «الالتهاب الرئوى فى مرضى العناية المركزة»، وأن هذا القرار مشوب بعيب مخالفة القانون من ناحيتين: الأولى: أن البحث السابع المشار إليه هو بحث مشترك مع زميله الدكتور/ ……………… ……………………….. وقيَّمته اللجنة بالنسبة للدكتور المذكور بتقدير جيد، وقيَّمته فى ذات الوقت للطاعن بتقدير ضعيف، وإنه من المستقر عليه أنه لا يجوز للجان العلمية الدائمة أن تقيِّم الأبحاث العلمية السابق تقييمها تفادياً للتناقض فى التقييم بالنسبة للمشاركين فى البحث، فيجب على اللجنة أن تحترم ما سبق لها أو للجنة أخرى أن قدرته من تقييم للبحث المشترك الذى لم ينفرد كل من المشتركين فيه بجزء خاص به بل كانت مساهمتهما فيه على الشيوع فيما بينهما وألا تعاود تقييمه مرة أخرى، وهو ما أخذ به المجلس الأعلى للجامعات ضمن قواعد التقييم باللجان العلمية الدائمة لفحص الإنتاج العلمى للمتقدمين لوظائف الأساتذة والأساتذة المساعدين”. الناحية الثانية: أن الطاعن تقدم بعشرة أبحاث، سبعة منهما أصلية، وثلاثة أبحاث فوق النصاب المطلوب وقد حظيت الأبحاث الزائدة برضاء وقبول اللجنة مما يفيد وجود تسعة أبحاث مقبولة ترقى به للترقية بافتراض استبعاد البحث المشار إليه، وقد انتهى المستشار القانونى للجامعة فى رأيه المعزز من أ.د رئيس الجامعة بأن تقييم أحد الأبحاث بمرتبة ضعيف يفتح الباب للإفادة من أى بحث من الأبحاث الزائدة بإحلال أيَّها محل البحث المرفوض وقد أعرض مجلس الجامعة عن الامتثال لهذا الرأى.
وبجلسة 4/9/2000 صدر حكم محكمة القضاء الإدارى ــ الدائرة التاسعة ــ فى الدعوى رقم 3341 لسنة 53ق قاضيًا فى منطوقه بقبول الدعوى شكلاً، وفى الموضوع بإلغاء قرار مجلس جامعة الأزهر بجلسة 2/12/1998 فيما تضمنه من رفض منح المدعى اللقب العلمى لوظيفة أستاذ بقسم الباطنة بكلية الطب بنين بجامعة الأزهر، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام الجامعة المصروفات.
أقامت المحكمة قضاءها على أن البين من حافظتى مستندات الجامعة المقدمتين بجلسة 19/6/2000 أن البحث السابع المقدم من الطاعن بعنوان «الالتهاب الرئوى فى مرضى العناية المركزة» هو بحث مشترك مع زميله الدكتور/ …………………………………….، وقد قيمته اللجنة العلمية الدائمة بتقدير «ضعيف» بنسبة 50%، بينما قيمت ذات البحث بالنسبة لزميله المذكور بتقدير «جيد» بنسبة 70% وهو ما ينطوى على تناقض فى تقييم ذات البحث وإخلال بمبدأ المساواة بين أصحاب المراكز المتماثلة، ويمثل خروجاً من اللجنة على القاعدة التى استنتها فى هذا الشأن التى مؤداها تماثل التقرير والتقييم فى الأبحاث المشتركة، الأمر الذى يصم تقييم اللجنة العلمية للبحث السابع المقدم من الطاعن بمرتبة ضعيف بعيب إساءة استعمال السلطة والانحراف بها، ويجعل قرار مجلس الجامعة المبنى على تقييم هذه اللجنة مخالفاً لصحيح حكم القانون.
وبتاريخ 29/11/2000 أودعت الجامعة صحيفة التماس إعادة النظر فى الحكم المشار إليه طالبة الحكم بقبول الالتماس شكلاً، وبوقف تنفيذ وإلغاء الحكم الملتمس فيه، والقضاء مجددًا برفض الدعوى رقم 3341 لسنة 53 ق وإلزام الملتمس ضده المصروفات، وبحسبان أن هناك غشًا أدخل على المحكمة أثر فى صدور الحكم الملتمس فيه، فالثابت من التحقيق الذى أجرى مع موظفى شئون أعضاء هيئة التدريس بالجامعة أنهم حرروا خطابًا يخالف الحقيقة أثبتوا فيه أن الملتمس ضده قد حصل على 50% فى البحث السابع المشترك مع الدكتور/
……..أ…….. الذى حصل فى ذات البحث على نسبة 70% فى حين أن هذا البحث المشترك حصل فيه كل من الملتمس ضده وزميله على درجة موحدة بعكس ما جاء بكتاب أعضاء هيئة التدريس الذى استند إليه الحكم الملتمس فيه، وقد كان هذا البحث هو السابع بالنسبة لزميل الملتمس ضده والذى حصل فيه على 50% لم يكن بحثًا مشتركًا مع واحد وأن الملتمس ضده يعلم يقينًا أن البحث السابع المقدم منه غير مشترك مع زميله الدكتور المذكور ورغم ذلك فقد طلب من شئون أعضاء هيئة التدريس بالكلية تحرير خطاب يتضمن أن هذا البحث مشترك وأن اللجنة أعطته فيه نسبة 50% بينما أعطت لزميله 70% وهو مايخالف الحقيقة وهو يعلم بذلك، كما أن محرر هذا المستند أقر فى التحقيق الذى أجرى معه فى هذا الشأن بأن هذا المستند حررت به بيانات تخالف الحقيقة مما يعد هذا المستند قد شَابَه التزوير وهو ما يندرج تحت البند الثانى من المادة (241) من قانون المرافعات التى تعد حالة من حالات التماس إعادة النظر. وإذ ثبت أن الحكم الملتمس فيه قد شيد قضاءه على أساس هذا المستند الذى شَابَه التزوير باحتوائه على بيانات تخالف الحقيقة ويعلمها الملتمس ضده، مما يتعين معه القضاء بإلغاء هذا الحكم وبرفض الدعوى محل الحكم الملتمس فيه.
ومن حيث إن مبنى الطعن الماثل مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون والخطأ فى تطبيقه وتحصيل الواقعات لأسباب حاصلها أن الجامعة أقامت التماسها المطعون فى الحكم الصادر فيه على أساس بيانات كاذبة لم تكلف نفسها عبء التحقق من صحتها وجارَى الحكم المطعون فيه الجامعة فى أخذها بالبيانات الكاذبة التى قُدّمت إليه مطمئنًا إلى ما هو مفترض فى الجهات العامة من رشد إدارى قوامه الصدق والأمانة فى تقديم البيانات وقصد وجه الحق لصالح القانون وحده، فالبحث السابع من أبحاث الطاعن هو INTENSIVE CARE UNIT IN PNEUMONIA دراسة حالات الالتهاب الرئوى بين مرضى العناية المركزة هو بحث مشترك بين الطاعن والدكتور/ ……….أ…….. (البحث العاشر بالنسبة له) والدكتور/ …….ب………. (البحث الثالث بالنسبة له) وأن اللجنة العلمية قد غايرت فى تقييم هذا البحث الواحد بين المشتركين فيه، فقد قيّمته بالنسبة للطاعن بتقدير ضعيف و61% بالنسبة إلى الدكتور/ ……………ب……………. و70% بالنسبة إلى الدكتور …………..أ………….، علمًا بأنه بالنسبة للأخير كان إنتاجًا علميًا زائدًا على نصاب الأبحاث السبعة وذلك بالمخالفة للقاعدة التى التزمتها بالنسبة إلى البحثين الرابع والخامس « أبحاث مشتركة» وهى وحدة التقييم بين المشتركين فى البحث، وترتيبًا على ذلك يكون ما ورد بالكتاب الصادر من إدارة شئون أعضاء هيئة التدريس بكلية الطب من أن البحث السابع من أبحاث الطاعن مشترك مع الدكتور ……………….أ……………….، وأن اللجنة العلمية قد غايرت فى تقييم هذا البحث المشترك بينهما بيانًا صحيحًا وصادقًا لا يخالف الحقيقة وليس مزوراً.
وقدمت الجهة الإدارية مذكرة بالرد على الطعن ضمنته أن قواعد العمل باللجان العلمية الدائمة بجامعة الأزهر تقضى بأن يتقدم العضو الراغب فى الترقية لدرجة أستاذ بعدد سبعة بحوث فقط للفحص العلمى والتقييم، حيث يوزع كل بحث أو بحثين على ثلاثة فاحصين، ويتم التقييم لكل بحث من هذه البحوث السبعة من مائة درجة بمجموع درجات سبعمائة درجة وهى العنصر الأساس فى الترقية، ويشترط للترقية لدرجة أستاذ أن يحصل المتقدم على تقدير جيد فى بحثين على الأقل، وفى كل الأحوال لا يجوز أن تقل درجة أى بحث عن 60% (مقبول)، أى أن المتقدم لا يرقى إذا حصل على تقدير ضعيف فى أىّ بحث من البحوث السبعة الأساسية حتى لو حصل على الدرجات النهائية فى عناصر التقييم الأخرى، وأنه يجوز للعضو أن يتقدم بأبحاث زائدة عن الفحص العلمى والتقييم (إنتاج علمى زائد على الفحص)، وهذه الأبحاث الزائدة ليست شرطاً للتقييم أو الترقية وقد خصص لها أيًا كان عددها مجموع درجات 50 درجة ولاتوزع على الفاحصين الثلاثة، بل يقوم أحد أعضاء اللجنة العلمية بتصحيحها أثناء الاجتماع الثانى للجنة وأن اللجنة العلمية الدائمة قررت أن يكون تقييم الأبحاث المشتركة بين كل من الطاعن ود. ………….أ………….. اللذين تقدما للجنة سنة 1998 بأبحاث للترقية لوظيفة أستاذ أمراض باطنة، هذا التقييم يكون موحدًا لهذه الأبحاث المشتركة بينهما، حيث كان البحث الرابع للطاعن هو نفسه البحث السابع لزميله المذكور وحصل على 62% مقبول لكل منهما والبحث الخامس للطاعن هو نفسه البحث السادس لزميله وحصل على 60% مقبول لكل منهما، أما البحث السابع الأساسى المقدم من الطاعن وعنوانه «الالتهاب الرئوى فى مرضى الرعاية المركزة» فقد حصل على درجة 50% (ضعيف) وهذا البحث مشترك ــ أيضاً ــ مع زميله د. ………..أ…………. إلا أن الأخير لم يتقدم به ضمن أبحاثه السبعة الأساسية المقدمة للفحص العلمى، بل تقدم به كبحث زائد على الفحص (بحث رقم 10)، وحصل فيه ــ أيضاً ــ على درجة (10) من (20) بنسبة 50% وهى نفس النسبة المئوية التى حصل عليها الطاعن فى بحثه السابع الأساسى المقدم للفحص العلمى مما يؤكد توحيد درجات الأبحاث المشتركة، وبناءً على القواعد المعمول بها باللجان العلمية الدائمة فلم تتم ترقية الطاعن لحصوله على تقدير ضعيف فى أحد أبحاثه السبعة الأساسية المقدمة منه للفحص العلمى والتقييم، بينما تمت ترقية زميله د. ………….أ………….. الذى لم يحصل على تقدير ضعيف فى أحد أبحاثه السبعة الأساسية، أما سبب اختلاف تقييم هذا البحث السابع بالنسبة للطاعن عن تقييم المشترك معه د. ……….ب………… فإن الأخير كان متقدمًا لوظيفة أستاذ مساعد وعرض تقييمه على لجنة ثلاثية مختلفة تمامًا عن أعضاء اللجنة العلمية الدائمة وحصل لذلك على 61% مقبول وأن اختلاف مستوى الوظيفة واللجنة يفسر اختلاف التقييم كما أنه عن صحة الخطاب المصطنع المزور الصادر عن موظفى شئون أعضاء هيئة التدريس بالكلية بتاريخ 17/6/2000 الذى ورد فيه أن البحث السابع المشترك بين الطاعن ود. ………..أ…………… حصل فيه الطاعن على 50% أما زميله د. ………..أ……….. فقد حصل على 70% مما كان له الأثر فى إدخال الغش على المحكمة وصدور حكم لصالحه وأن التحقيق الذى أجرته الجامعة فور علمها بهذا الغش اعترف فيه الموظفون بارتكابهم أخطاء وتم مجازاتهم بخصم خمسة أيام من راتب كل منهم ونقل أحدهم خارج الإدارة. وأن البحث السابع للدكتور ……………… حصل على 62% (مقبول) أما البحث المشترك المذكور فهو رقم (10) بالنسبة للدكتور الأخير وتقدم به كبحث زائد عن الفحص وأن الطاعن يعتمد فى طعنه على أقوال د. …….جـ…….. فى عام 2001 أنه قام بمناظرة هذه البحوث واعتمد على صحة ما جاء بخطاب الموظفين المخالف للواقع والذى كان سببًا فى إدخال الغش على المحكمة وفور علم الجامعة بهذه المحاولة من طرف د. …….جـ……. قامت بتحويله إلى التحقيق حيث اعترف بالحقيقة وقرر العدول عن أقواله السابقة عام 2001 وهذا ثابت فى التحقيق الذى أجراه أ.د. ………د…….. بتاريخ 18/7/2004 و8/8/2004 معللاً هذا العدول بأن ما عرض عليه من أوراق فى أقواله عام 2001 كان صورًا لأوراق لا يعلم من الذى وقع عليها وأقر بعد مناظرته واطلاعه على الدرجة المدونة بأصل البحث العاشر للدكتور/ ……..أ…….. وهى 10 من 20 وهى نفس النسبة المئوية 50% التى حصل عليها الطاعن بأن قرارات اللجنة العلمية صحيحة. وأنه حرصًا من الجامعة على بيان وجه الحق المطلق فى موضوع الطعن خاصة بعد صدور أمر دائرة فحص الطعون بوقف تنفيذ الحكم قامت الجامعة بتشكيل لجنة رباعية على أعلى مستوى علمى وفنى وقانونى (أ.د نائب رئيس الجامعة للدراسات العليا والبحوث، أ.د عميد كلية الطب بالجامعة، أ.د المستشار القانونى لرئيس الجامعة، أ.د رئيس مكتب تحقيقات أعضاء هيئة التدريس، وأستاذ القانون بالجامعة) لدراسة هذا الموضوع حيث أسفرت الدراسة عن أن البحث السابع الأساسى للطاعن حصل على 50% (تقدير ضعيف) وهى نفس النسبة المئوية التى حصل عليها د. ……….أ………… فى بحثه الزائد عن الفحص (بحث رقم 10) وهى درجة (10ــ20) نفس النسبة المئوية 50%، كما أفادت إدارة شئون هيئة التدريس بالكلية بكتابها بتاريخ 1/8/2004 بصحة تلك الدرجات المدونة على البحث العاشر الزائد والبحث السابع، كما أفادت إدارة كلية الطب بتاريخ 4/8/2004 بأنه لم يتم رفع الجزاء بخصم خمسة أيام من راتب كل من ………….هـ……………. و…………..و…………… مما ينفى ادعاء الطعن بأن الخصم يومان فقط وأنه قد تم رفع الجزاء عنهما، وخلصت مذكرة دفاع الجامعة إلى طلب الحكم بعدم جواز نظر الطعن ورفض الطعن وإلزام الطاعن المصروفات.
وقد قدم الطاعن مذكرة تعقيبًا على ما جاء بدفاع الجامعة وحافظة مستندات تضمنت الآتى :
حرص مقرر اللجنة العلمية على تعمد إغفال التقديرات الفردية للمحكمين الفاحصين للبحث السابع للطاعن (وهو البحث العاشر للدكتور/ ………..أ………..) وقيّمه بتقدير ضعيف بزعم أنه حصل على 50 درجة، فى حين أن التقدير الجامعى هو متوسط التقديرات الفردية وهى 62، 50، 60 أى بنسبة 57.5% وليس 50% والدرجة التى حصل عليها الطاعن فى هذا البحث تجبر إلى درجة النجاح وفق ما جرى به العمل بالجامعة، بينما أعطت اللجنة الدكتور …………………أ……………….. على البحث العاشر الزائد 70 درجة، فقد قيّمت اللجنة أبحاثه السبعة الأولى باعتبارها الأصلية أما سائر ما قدمه ومنها البحث العاشر من أبحاثه اعتبر إنتاجًا علميًا زائدًا على النصاب قامت اللجنة بتقييمها جملة بـ 35 درجة من 50 درجة أى بنسبة 70% لكل منها. وهذه الحقيقة هى ما انتهى إليها نائب رئيس الجامعة لشئون الدراسات العليا والبحوث حين أشر على التظلم المقدم من الموظفين …….هـ…….. و……….و……. عن العاملين اللذين تم مجازاتهما بدعوى تقديم بيان خاطئ فى الدعوى رقم 3341 لسنة 53 ق تم الحكم على أساسه لصالح الطاعن مؤيدًا فيه طلبهما رفع الجزاء الموقع عليهما على أساس أن ما تضمنه الكتاب الذى أعداه فى هذا الصدد صحيح وهو أن البحث السابع من أبحاث المجال المشترك مع الدكتور ……………..أ………………. قد قيم بالنسبة لهذا الأخير بـ 35 درجة من 50 درجة أى أن هذا البحث قد حصل عنه الأخير على نسبة 70%. وأضاف الطاعن أن هذا التقدير هو ذاته التقييم الموضوعى العادل لهذا البحث؛ كما أن القدر المتيقن الذى لا خلاف فيه أن هذا البحث قد قُيّم بـ 61 درجة للدكتور ………ب……….، ومن ثَمَّ فإن تقييم بحث الطاعن يجب أن يكون بذات الدرجة أو النسبة المئوية نزولاً على القاعدة المقررة فى هذا الصدد وأن لجنة الترقية للأساتذة والأساتذة المساعدين هى لجنة واحدة وإن اختلف أعضاؤها وأن الدكتور/ …….ز…… هو الذى قيّم البحث بالنسبة للطاعن بـ50 درجة وقيمه بالنسبة للدكتور …………ب…………….. ب61 درجة وأن تقييم البحث هو تقييم موضوعى ينصب على البحث ذاته ولا عبرة فيه بشخص من أجراه، وانتهى من ذلك إلى طلب بطلان الحكم الصادر فى الالتماس المقدم من الجامعة.
ومن حيث إن المادة (51) من قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972 تنص على أنه يجوز الطعن فى الأحكام الصادرة من محكمة القضاء الإدارى والمحاكم الإدارية …….. بطريق التماس إعادة النظر فى المواعيد والأحوال المنصوص عليها فى قانون المرافعات المدنية والتجارية ……… ولا يترتب على الطعن وقف تنفيذ الحكم على الطاعن بغرامة لا تجاوز ثلاثين جنيهاً، فضلاً عن التعويض إن كان له وجه، وقد نظم قانون المرافعات فى المواد (241) وما بعدها الأحوال التى يجوز فيها الطعن بطريق الالتماس وإجراءاته، فنصت المادة (241) من قانون المرافعات على أنه «للخصوم أن يلتمسوا إعادة النظر فى الأحكام الصادرة بصفة انتهائية فى الأحوال التالية:
1ــ إذا وقع من الخصم غش كان من شأنه التأثير فى الحكم.
2 ــ إذا حصل بعد الحكم إقرار بتزوير الأوراق التى بُنى عليها أو قضى بتزويرها.
3 ــ إذا كان الحكم قد بُنى على شهادة قضى بعد صدورها بأنها مزورة … إلخ.
والالتماس بحسبانه طريقًا استثنائيًا للطعن فى الأحكام لا يستهدف تجريح قضاء الحكم الملتمس وإنما يستهدف طرح الحكم ليعود مركزه فى الخصومة إلى ما كان عليه قبل صدوره حتى يتمكن من مواجهة النزاع من جديد ولا يتأتى له ذلك إلا إذا قدم إلى المحكمة من المستندات التى لو طرحت عليها عند النظر فى الخصومة الأصلية لتغير وجه النظر فيها، ومن ثَمَّ فإنه يتعين على المحكمة عند نظر الالتماس أن تتأكد من أن الالتماس قد وقع صحيحًا من حيث الشكل وفى حالة من الحالات التى حددها القانون على سبيل الحصر، فإن لم تتوافر فى حقه تلك الشروط وجب على المحكمة أن تقضى من تلقاء نفسها بعدم قبول الالتماس دون الخوض فى موضوعه.
وإذا كان الأصل فى مجال المنازعات الإدارية أن الجهة الإدارية بحسبانها المهيمنة على ملفات خدمة موظفيها بما تحويه من مستندات وقرارات تكون هى الملزمة أصلاً بتقديم ما تحت يديها من مستندات وصولاً إلى الحقيقة وبلوغًا بالعدالة إلى مراميها بحيث يستحيل عليها الادعاء بتزوير المستندات المقدمة منها أو وقوعها فى غش بما تضمنته من بيانات على خلاف الحقيقة وصولاً إلى إلغاء الأحكام التى تصدر فى غير صالحها أو تعديلها إلا أن هذا الأصل
لا يمكن الأخذ به على إطلاقه عند تطبيق أحكام قانون المرافعات المدنية والتجارية على المنازعات الإدارية فحيث لا يُقْبل فى نطاق المنازعات الخاصة بين الأشخاص الطبيعيين ادعاء أحدهم وقوعه فى غش أو تزوير المستندات المقدمة منه إلى المحكمة فإن الجهة الإدارية بحسبانها شخصًا معنويًا تخرج عن تلك القاعدة، فالشخص المعنوى الذى أسند للجهات الإدارية هو حيلة قانونية لتسيير التعامل معها قانونًا ولا يجوز أن يجاوز تلك الأهداف لإنكار الطبيعة الحقيقية للعمل داخل الجهات الإدارية بحسبانها مجموعة من القوى البشرية والمادية تقوم على تحقيق هدف معين، فقد يخل أحد العاملين بها بما يفرضه عليه القانون من واجبات الأمانة والثقة المشروعة فى تمثيل الجهة الإدارية أمام القضاء واستيفاء الأوراق والمستندات ويقدم بغير علم المختصين فيها أوراقًا وبيانات مخالفة للحقيقة لتضليل المحكمة وتواطؤًا مع الخصوم لتحقيق أهداف شخصية تخرج عن هدف المرفق من تحقيق الصالح العام، ومن ثَمَّ فإنه يغدو من الظلم البيّن ومجافاة الحقيقة معاملة مُصْدِر القرار الذى قدمت الأوراق المخالفة للحقيقة من وراء ظهره معاملة الشخص الطبيعى الذى يقدم المستندات حرصًا على مصلحته الخاصة، ومن ثَمَّ فلا يسوغ صدقًا وعدلاً أن يُنْكِرَ القضاء على الإدارة إن هى تبينت أن أحد العاملين لديها قد خان الأمانة واصطنع أوراقاً لاعلم للمسئولين بها لتضليل العدالة أن تلتمس إعادة النظر فى الحكم الذى صدر بناء على البيانات المضللة وأن تقدم للعدالة المستندات الدالة على البيانات الحقيقية وعلى المحكمة إن هى استوثقت من صدق المستندات الجديدة وأن حكمها السابق قد بُنى على ضلالة ….. أن تراجع الحق فيه ……… فإن الحق قديم لا يبطله شىء.
فإذا كانت المحكمة فى حكمها الطعين قد استوثقت من أن حكمها الأول “الملتمس فيه” قد أقام قضاءه على واقعة غير حقيقية هى أن الملتمس ضده ………ج………… قد حصل فى البحث المشترك فيه مع د. …………………..أ………………… على 50% فى الوقت الذى حصل شريكه فى ذات البحث على 70%، الأمر الذى أثار فى عقيدتها التناقض فى قرار اللجنة العلمية الدائمة مما دفعها إلى إلغاء هذا القرار وما يترتب عليه من قرارات أهمها الامتناع عن منح الملتمس ضده اللقب العلمى لوظيفة أستاذ، وإذ تبين لها أن هذه الواقعة غير الحقيقية قد تضمنتها شهادة موقعة من موظفى شئون الأعضاء وقدمت إلى المحكمة بدون توقيع أو علم رئيس الجامعة أو النائب المختص بشئون أعضاء هيئات التدريس فإنها تكون قد أصابت الحق فيما انتهت إليه من اعتبار حكمها السابق كأن لم يكن لقيامه على بيانات غير حقيقية وردت بالورقة التى أدخلت الغش على المحكمة وأوهمتها بواقعة لا أساس لها من الصحة مما أثر فى صدور الحكم الملتمس فيه، الأمر الذى يتعين معه على المحكمة أن تطرح حكمها السابق وأن تتصدى لموضوع الدعوى من جديد لتزن قرار الجامعة بميزان المشروعية فى ضوء ما تكشف لها من حقائق ثابتة فى عيون الأوراق المطروحة عليها.
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى فى شأن تقويم أعضاء هيئات التدريس على أن العبرة هو بالتقدير الذى تعتمده اللجنة العلمية المختصة لكل بحث بغض النظر عما يضعه الفاحص أو المقرر من تقديرات مرنة تخضع للمناقشة والمداولة من أعضاء اللجنة حتى تستقر ويعتمد التقرير النهائى لكل بحث من البحوث الأساسية المقدمة للترقية، أما بالنسبة للإنتاج العلمى الزائد عن البحوث العلمية المقدمة، فالعبرة فيه بما تنتهى إليه اللجنة الدائمة فى تقويم إجمالى البحوث طبقاً للائحة الخاصة بقواعد العمل باللجنة والتى توجب على كل متقدم للترقية تقديم سبعة بحوث أساسية على الأقل وأن يحصل المتقدم لوظيفة أستاذ على تقدير جيد فى بحثين على الأقل وفى جميع الأحوال لا يجوز أن تقل درجة أى بحث من البحوث الأساسية عن مقبول، أما الإنتاج العلمى الزائد عن البحوث العلمية المقدمة فيتم تقويمه إجمالاً ضمن باقى عناصر التقويم لأخذه فى الاعتبار عند المفاضلة بين المرقين إلى وظيفة أستاذ عند التزاحم.
فإذا كان الثابت من مطالعة الأوراق أن الطاعن قد تقدم للحصول على اللقب العلمى لوظيفة أستاذ بسبعة بحوث كان آخرها البحث الخاص بدراسة حالات الالتهاب الرئوى بين مرضى العناية المركزة وقد قدر لهذا البحث مرتبة ضعيف 50% وأشر بالبحث على الاستمارة الخاصة به بعبارة “لايرقى”، حيث إن البحث السابع تقديره ضعيف وبعرض الأمر على مجلس الجامعة قرر الامتناع عن منحه اللقب العلمى لوظيفة أستاذ استنادًا إلى عدم توفره على شرط الحصول على تقدير مقبول على الأقل فى جميع البحوث التى تقدم فإن قرار الجامعة فى هذا الشأن يكون قد قام على أساس سليم من القانون، ويكون النعى عليه خليقاً بالرفض ولايسوغ للطاعن التحدى بأن اللجنة قد قدرت ذات البحث بتقدير ضعيف» (50%) بالنسبة له بينما قدرته بنسبة 70% لزميله د. ……………..أ……………………، إذ الثابت من الأوراق وبصفة خاصة الاستمارة الخاصة بزميل الطاعن أن اللجنة قدرت بحوث المذكور وحصل فى أربعة منها على تقدير جيد وفى الثلاثة الباقية على تقدير مقبول، وبذلك انتفى فى حقه البحث الضعيف المانع من الحصول على اللقب العلمى على خلاف الطاعن الذى تقدم بالبحث الضعيف ضمن أبحاثه السبعة الأساسية. أما ما يدعيه الطاعن من أنه قد حصل فى البحث الضعيف المشار إليه على تقديرات فردية تبلغ النسبة النهائية لمتوسطها 57% ويمكن جبرها إلى 60% فإنه فضلاً عن خلو الأوراق مما يدعيه من تقديرات فردية فإن لائحة الجامعة جاءت خلوًا من أية قواعد للرأفة بالنسبة للأساتذة كما هو الشأن بالنسبة للطلبة.
كما لايسوغ للطاعن الادعاء بأن اللجنة الخاصة بالترقية للأساتذة المساعدين قد قدرت البحث ذاته “حالات الالتهاب الرئوى بين مرضى العناية المركزة” بتقدير مقبول 61 درجة بالنسبة للدكتور ………ب…………. بينما قدرته بتقدير ضعيف بالنسبة له. لايسوغ له ذلك إذ إن تقدير البحث يختلف باختلاف المتقدم والوظيفة التى يطلب الترقية إليها استناداً إليه فالبحث الذى يمكن أن يكون مقبولاً بالنسبة للمتقدم إلى وظيفة أستاذ مساعد قد يكون ضعيفًا عند الاستناد إليه للترقية إلى وظيفة أستاذ والجهد الذى يمكن أن يشكر عليه شاغلو أدنى وظائف أعضاء هيئات التدريس قد يكون محل انتقاد أو استهجان إذا ما قدم ممن يعلوهم فى تلك الوظائف، ومن ثَمَّ فإذا كان السائغ أن تُقوّم الأبحاث تقويمًا موضوعياً فإن الجهد المبذول فى البحث ينبغى أن يوزن بميزان الشخص الذى تقدم به وفى ضوء الوظيفة والمستوى العلمى الذى يشغله.
ومن حيث إنه قد خلص مما تقدم أن المحكمة المطعون فى حكمها ــ بعد أن استوثقت من عدم سلامة المستندات المقدمة وأن الغش قد أدخل عليها لصالح الملتمس ضده فطرحت حكمها السابق وتصدت للدعوى من جديد، بعد أن أعطت للخصوم فرصة التفاضل أمامها وتقديم المستندات والأوراق المؤيدة لدفاع كل منهم انتهت إلى عدم أحقية الملتمس ضده فى طلباته لحصوله على تقدير ضعيف فى أحد البحوث الأساسية التى تقدم بها للحصول على اللقب العلمى وانتهت بعد ذلك إلى سلامة القرار الصادر برفض منحه اللقب، فإن حكمها برفض دعواه يكون قد أصاب الحق فيما انتهى إليه ويكون الطعن قد قام على غير أساس سليم من القانون خليقًا بالرفض.
ومن حيث إن الطاعن قد أصابه الخسر فى طعنه مما يتعين معه إلزامه مصروفاته عملاً بحكم المادة (184) مرافعات.
حكمت المحكمة
بقبول الطعن شكلاً، ورفضه موضوعًا، وألزمت الطاعن المصروفات.