جلسة ١٨ من ديسمبر سنة ٢٠٠٤م
برئاسة السيد الأستاذ المستشارالدكتور/ عبد الرحمن عثمان أحمد عزوز
رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ السيد محمد السيد الطحان، وأحمد عبد العزيز إبراهيم أبو العزم، وحسن سلامة أحمد محمود، ومحمد أحمد محمود محمد
نواب رئيس مجلس الدولة
وبحضور السيد الأستاذ المستشار/ فريد نزيه حكيم تناغو
نائب رئيس مجلس الدولة ومفوض الدولة
وحضور السيد/ كمال نجيب مرسيس
سكرتير المحكمة
الطعن رقم ٣٢٦٧ لسنة ٣٩ قضائية . عليا:
رسم التحسين ــ الطبيعة القانونية للقرار الصادر من لجنة الطعون فى مقابل التحسين ــ أثر ذلك:
لجنة الطعن المنصوص على تشكيلها بالمادة (٨) من القانون رقم ٢٢٢ لسنة ١٩٥٥ بفرض مقابل تحسين وإن كانت برئاسة رئيس المحكمة الابتدائية الواقع فى دائرتها العقار محل مقابل التحسين، إلا أن باقى أعضاء اللجنة فهم إما ممثلو الجهات الإدارية أو أعضاء المجلس البلدى ــ أثر ذلك : تشكيل اللجنة يفتقد بعض القواعد الأصولية التى تهيمن على التشكيلات القضائية، إذ يغلب على تشكيلها الطابع الإدارى، حيث لا تضم سوى عضو قضائى واحد من بين مجموع أعضائها، إضافة إلى أن تلك اللجنة مشكلة من ستة أعضاء مما يعنى تغليب الجانب العددى الذى منه الرئيس فى حالة تساوى عدد الأصوات، فى حين أن الأصل أن تصدر الأحكام القضائية بأغلبية الآراء، الأمر الذى لا يتحقق إلا إذا كان عدد أعضاء التشكيل وترًا، كما أن الذى يُدعَى لإبداء دفاعه أمام اللجنة هو الطاعن وحده صاحب العقار المحمل بمقابل التحسين وبذلك لا يتلاقى طرفا الخصومة أمام اللجنة المشار إليها، وتفتقد الخطوة الأولى من خطوات الخصومة القضائية ــ أثر ذلك: أن ما يصدر من لجنة الطعون فى مقابل التحسين لا يعدو أن يكون قرارًا إداريًا صادرًا من لجنة أو هيئة إدارية لها اختصاص قضائى مما يقبل الطعن فيه أمام محاكم مجلس الدولة ــ تطبيق.
فى يوم السبت الموافق ١٩/٦/١٩٩٣ أودعت هيئة مفوضى الدولة قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن ــ قيد برقم ٣٢٦٧ لسنة ٣٩ق . ع ــ فى الحكم المشار إليه بعاليه، والقاضى فى منطوقه بعدم اختصاص المحكمة ولائيًا بنظر الدعوى وإلزام المدعين المصروفات.
وطلبت هيئة المفوضين ــ للأسباب الواردة بتقرير الطعن ــ تحديد أقرب جلسة أمام دائرة فحص الطعون لتأمر بإحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا ، لتقضى بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من عدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوى وإعادة الدعوى إلى ذات المحكمة للفصل فيها مجددًا بهيئة أخرى.
وأعدت هيئة مفوضى الدولة تقريرًا برأيها القانونى ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وإعادة الدعوى مرة أخرى إلى ذات المحكمة للفصل فيها مجددًا بهيئة أخرى مع إلزام المطعون ضدهم المصروفات.
وعين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة ٢١/٤/٢٠٠٣ وتدوول بجلسات المرافعة على النحو المبين بمحاضر الجلسات، وبجلسة ٣/٥/٢٠٠٤ قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا/ الدائرة الأولى ــ موضوع لنظره بجلسة ٢٦/٦/٢٠٠٤.
ونظرت المحكمة الطعن على الوجه الثابت بمحاضر الجلسات، وبجلسة ١٦/10/٢٠٠٤ قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة ١٨/١٢/٢٠٠٤، وفيها صدر هذا الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة قانوناً .
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن وقائع النزاع تخلص ــ حسبما يبين من الأوراق ــ فى أنه بتاريخ ٤/٦/١٩٨٨ أقام المدعيان (المجلس الملى العام للأقباط الأرثوذكس، ……………………………… الدعوى رقم ٤٤٩٥ لسنة ٤٢ق أمام محكمة القضاء الإدارى/ دائرة منازعات الأفراد (ب) بالقاهرة، بطلب الحكم بقبول الدعوى شكلاً وفى الموضوع بإلغاء قرار لجنة التحسين بفرض مقابل تحسين مقداره ٥٢٣٣٥.٤٠٠ جنيه على الأطيان البالغة مساحتها ١٢س ٥ ط ٦ ف بحوض ديوان أفندى والتى كانت مملوكة للبطريركية ونزعت ملكيتها، واعتباره كأن لم يكن مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الجهة الإدارية بالمصروفات والأتعاب، وذلك للأسباب المبينة تفصيلاً بصحيفة الدعوى.
وبجلسة ٢٩/٤/١٩٩٣ أصدرت المحكمة المذكورة حكمها المطعون فيه بعدم اختصاصها ولائيًا بنظر الدعوى، وشيدت قضاءها على أساس أن ما تصدره اللجنة المنصوص عليها فى المادة (٨) من القانون رقم ٢٢٢ لسنة ١٩٥٥ بشأن فرض مقابل تحسين على العقارات التى يطرأ عليها تحسين بسبب أعمال المنفعة العامة، لا يندرج فى عداد القرارات الإدارية التى تختص محاكم مجلس الدولة بنظر الطعون عليها.
إلا أن هذا القضاء لم يلق قبولاً لدى هيئة مفوضى الدولة فأقامت طعنها الماثل تنعى فيه على الحكم مخالفته للقانون ولما استقر عليه قضاء المحكمة الإدارية العليا من أن اللجنة المنصوص عليها فى المادة (٨) من القانون رقم ٢٢٢ لسنة ١٩٥٥هى لجنة إدارية ذات اختصاص قضائى وتخضع قراراتها لاختصاص محكمة القضاء الإدارى.
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن لجنة الطعن المنصوص على تشكيلها بالمادة (٨) من القانون 222 لسنة ١٩٥٥ بفرض مقابل تحسين وإن كانت برئاسة رئيس المحكمة الابتدائية الواقع فى دائرتها العقار محل مقابل التحسين إلا أن باقى أعضاء اللجنة فهم إما من ممثلى الجهات الإدارية أو أعضاء المجلس البلدى، وهو ما يفقد تشكيل اللجنة بعض القواعد الأصولية التى تهيمن على التشكيلات القضائية، إذ يغلب على تشكيلها الطابع الإدارى، حيث لاتضم سوى عضو قضائى واحد من بين مجموع أعضائها، إضافةً إلى أن تلك اللجنة مشكلة من ستة أعضاء مما يعنى تغليب الجانب العددى الذى منه الرئيس فى حالة تساوى عدد الأصوات، فى حين أن الأصل أن تصدر الأحكام القضائية بأغلبية الآراء عملاً بحكم المادة (١٦٩) من قانون المرافعات المدنية والتجارية، الأمر الذى لا يتحقق إلا إذا كان عدد أعضاء التشكيل وترًا، كما أن الذى يُدعَى لإبداء دفاعه أمام اللجنة هو الطاعن وحده ــ وهو صاحب العقار المحمل بمقابل التحسين ــ وبذلك لا يتلاقى طرفا الخصومة أمام اللجنة المشار إليها وتفتقد الخطوة الأولى من خطوات الخصومة القضائية.
وبناءً عليه فإن ما يصدر من لجنة الطعون فى مقابل التحسين لا يعدو فى حقيقته أن يكون قرارًا إداريًا صادرًا من لجنة أو هيئة إدارية لها اختصاص قضائى، مما يقبل الطعن فيه أمام محاكم مجلس الدولة طبقًا للبند (ثامنًا) من المادة (١٠) من قانون مجلس الدولة رقم ٤٧ لسنة ١٩٧٢، وهذا التكييف لطبيعة القرارات الإدارية الصادرة من هذه اللجنة لا يتصادم مع ما قضت به المحكمة الدستورية العليا فى حكمها الصادر فى القضية رقم ١٢ لسنة (٨) قضائية دستورية بجلسة ٤ من يونيه لسنة ١٩٨٨ ــ والذى احتج به الحكم الطعين ــ من اعتبار هذه اللجنة هيئة ذات اختصاص قضائى فى مفهوم المادة ٢٩/أ من قانون المحكمة الدستورية العليا رقم ٤٨ لسنة ١٩٧٩ وصولاً من المحكمة إلى مباشرة اختصاصها فى الرقابة القضائية على دستورية القوانين واللوائح فيما إذا تراءى للجنة المشار إليها فى أثناء نظر نزاع مطروح أمامها عدم دستورية نص فى قانون أو لائحة لازم للفصل فى النزاع، لأن وصول المحكمة الدستورية العليا لمباشرة ولايتها فى بحث دستورية ما يحال إليها من اللجنة سالفة البيان ، ولا يعنى أن قراراتها الصادرة بالفصل فى الطعون المتعلقة بفرض مقابل التحسين تعتبر أحكاماً قضائية مما تنحسر عنه بالتالى ولاية مجلس الدولة. (يراجع حكم هذه المحكمة الصادر من الدائرة المشكلة طبقًا لأحكام المادة (٥٤) مكررًا من قانون مجلس الدولة رقم ٤٧ لسنة ١٩٧٢ فى الطعن رقم ٣٦٧٥ لسنة ٤٠ قضائية عليا، جلسة ٥ من مارس سنة ١٩٩٨).
وإذ ذهب الحكم المطعون فيه غير هذا المذهب؛ حيث قضى بعدم اختصاص المحكمة ولائيًا بنظر الدعوى استنادًا إلى أن القرار المطعون فيه لا يدخل فى عداد القرارات التى تختص بنظرها محاكم مجلس الدولة ، فإنه يكون قد تنكب وجه الصواب وخالف صحيح حكم القانون، مما يتعين معه القضاء بإلغائه وإعادة الدعوى إلى محكمة القضاء الإدارى للفصل فيها مجددًا من دائرة أخرى، وذلك مع إبقاء الفصل فى المصروفات لتلك المحكمة عملاً بمفهوم المخالفة لنص المادة (١٨٤) من قانون المرافعات.
حكمت المحكمة
بقبول الطعن شكلاً، وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبإعادة الدعوى إلى محكمة القضاء الإدارى للفصل فيها مجددًا من دائرة أخرى، وأبقت الفصل فى المصروفات لتلك المحكمة.